Mar 26, 2008

هذا انا


في سن الخامسة كنت اتعجل مرور ايام الاسبوع ليأتي يوم الخميس فيعرض التليفزيون (فيلمين)عربيين في فترة الظهيرة هذا غير فيلم السهرة وفقرات اليوم المفتوح المتميزة!!ه

وبعد سنوات قليلة كنت اتعجل مرور اشهر الدراسة لتأتي شهور الاجازة واللعب والمصيف الخ الخ!!ه

وبعد سنوات قليلة اخري كنت اتعجل مرور السنين فادخل المرحلة الثانوية واتخلص من اي عقاب بالضرب علي اي خطأ قد افعله ،فقد لاحظت ان والدي يكتفي بلوم اخوي الاكبر مني ،كما لاحظت ان طلبة الثانوي يكلمون المدرسين كأنهم زملاء والمدرس -الذي قد (يفرد )نفسه علي وزملائي -يحرص علي عدم استفزاز احد منهم (وبيعدي يومه)!!ه

وحين كنت طالب ثانوي كنت اتطلع بفارغ الصبر لليوم الذي سأذهب فيه للجامعة ،لا حصص ولا جرس ولا غياب ولا (مبتذاكرشي ليه)ولا (والله ما انت نافع ولا كايد عدو ولا حبيب!!ه)

ولكن حين كنت امشي راضيا عما وصلت اليه متطلعا لما اتشوق اليه التفت ايضا الي اشياء كانت تزين ايامي الماضية ولم تعد موجودة ،ابي مثلا لم يعد معنا ،والاربعة اخوة الذين كانوا تحت سقف واحد في كل امور حياتهم صاروا اثنين وفارق اثنان لاكمال تعليمهم وحياتهم للابد،قلت هذا حال الدنيا وواصلت

وقدر ما صدمتني الجدية والمشقة في الجامعة -الكلية كانت غتيتة -قدر ما لطف وطأتها معرفتي بأناس (جدعان)ويكبر بهم المرء لا يصغر،وفي المحصلة فان غتاتة الكلية وتزاحم الافكار وحماسة الشباب اجبرني علي تعجل مرور سنوات الكلية لنخرج للحياة

وفي احدي الليالي كنت جالسا اتطلع للنجوم ومن حولي سكون الصحراء وصفاء الصحراء ورمال الصحراء،اخذت افكر في سنوات ربع قرن مضي، من كان حولي ومن ابتعد ولماذا ابتعد ومن اقترب ولماذا اقترب وماذا ربحت وماذا خسرت ،وبعد تفكير طويل وهادئ ايقنت انني كنت ارتكب حماقة كبري حين اضع نفسي دائما في وضع (المنتظر للمرحلة التالية)،(ان اتعامل مع ما هو حولي كأنه وضع مؤقت لن يدوم)،(ان اسعي دائما للحصول علي مفردات الوضع الذي اخترته لنفسي وهو الوضع الدائم)،(وان الاشخاص الذين يظهرون في الوضع المؤقت:هؤلاء اشخاص مؤقتين او صداقة قطار كما يقال )،(ان الزمن الذي يمضي في الوضع المؤقت :هذا زمن ضائع لا يحسب ودائما ما نتلهف ونسأل متي ينتهي؟)ه

اكتشفت انني كنت احمق كبير حين كنت اود في كل مرحلة ان انتظر المرحلة التالية ويصير ما انا فيه الان (ركوبة اتوبيس)تنقلني من مكان الي مكان لكن لا تحسب من زمن يومي

لذا فحين شكرت للصحراء فعلها وتركتها قافلا للحضر بقيت علي اصراري علي العمل والانجاز،وبقيت ايضا علي (انتظار) -لا تعجل - المرحلة التالية لكن وانا احيا ما انا فيه بمنتهي القوة،صرت(امتص )وجود من حولي واتعمق في نفوسهم، اقول معهم كل النكات واضحك معهم كل الضحكات ، زاد حناني عليهم (ولو كبروني سنا) وتفهمي لمواقفهم ودوافعهم

وحتي حين اودعهم فان قلبي غالبا ما سيمتلئ بالرضا عن مرحلة سبقت وسعادة واشتياق لمرحلة اتية

Mar 15, 2008

الحزب الوطني الديمقراطي


تدوين سياسي غير محايد ومتحيز لمصر
************
الحق انها مهمة شبه مستحيلة ان تحاول تصنيف الحزب الوطني الحاكم في مصر اذا ما كان يمينا او يسارا او وسطا،بل ان الصعوبة قد تمتد الي اذا ما كان هذا الكيان (حزبا )في حقيقته ام ماذا!!!ولكي نشرح اصل الحكاية باختصار يجب ان ننظر الي النشأة


الحكاية ترجع لتولي الرئيس السادات الحكم اواخر عام 1970الميمون حيث كانت للرئيس الجديد اجندة تختلف وسائلها واولوياتها عن اجندة سلفه تماما -وهنا ليس مجال حكم علي اي اجندة او قربها من الاحلام الوطنية-لكن ما نريد ان نقول ان اجندة الرئيس السادات كانت تطول كافة المناحي في مصر واهمها بالطبع( الشكل)العام للساحة السياسية في مصر وتوزع نقاط التأثير


وبالتالي فان السادات تأكد ان التنظيم الوحيد علي الساحة السياسية-الاتحاد الاشتراكي-لم يعد مناسبا للاستمرار بشكله واسمه وان كانت مهمته لابد ان تستمر لذا وتوافقا مع سياسات الانفتاح والرخاء القادم تقرر تأسيس ثلاث منابر سياسية داخل الاتحاد الاشتراكي نفسه احدهم لليمين والاخر لليساروالثالث للوسط(وعن اسباب هذا تفصيليا يرجي الرجوع لكتابات الراحل الحاضراحمد بهاء الدين)ه


كان هذا قبل نهاية السبعينيات بعامين،وتلاه حل الاتحاد الاشتراكي والقول بعودة الاحزاب وتم التأسيس لثلاثة احزاب بشكل اولي تحولا من المنابر الثلاثة سابقة الذكر والذي يهمنا فيها منبر الوسط الذي تحول الي حزب مصر باصرار من الرئيس السادات ان يتولي رئاسته وبالطبع كانت النتيجة المتوقعة فقد خرج معظم اعضاء الاتحاد الاشتراكي مباشرة الي حزب الرئيس ،بل انه حين تم تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي وأعلن الرئيس السادات انه سوف ينتقل الي رئاسة الحزب الوطني اذا بكل اعضاء حزب مصر يتركون حزبهم ويهرولون وراء الرئيس في حزبه الجديد وكان هذا المشهد ملخصا وتعبيرا عن طبيعة الحزب المتكون وطبيعة العلاقات داخله


واختصارا نحب ان نقول ان الحزب الوطني ليس حزبا بالمعني المفهوم فهو ليس كيانا تجمعت عناصره حول افكار معينة او ايديولوجية ما وعلي الرغم من كونه في السلطة الا انه لا يستغل هذا في تنشئة الكوادر او القيام بأي نشاط يماثل الاحزاب الطبيعية المتوفر لها الوسائل والامكانيات ولكن الحزب الوطني -في رأيي-يشكل الوجه السياسي الذي يجب ان يعمل من ورائه النظام للحفاظ علي الحكم في قبضته وبهذا فهم يهتمون دائما بالشكل الحزبي من امانات ،مؤتمرات،مقرات،او حتي انتخابات ولكن كل هذا لا يتعدي الجعجعة بلا طحن حقيقي او انجاز سياسي او تنظيمي ملموس
وبالطبع غني عن الذكر ان نقول او نحكي عن طبيعة العلاقات التي تتشكل وتنتظم بين الاعضاء واساطين الحزب الكبار فالامر لا يتعدي(البحث عن المصلحة)لكلا الطرفين ولو علي حساب الشعب وحياته ،والاعضاء الصغار يبحثون عن التصعيد والتساند علي الكبار مقابل بيع روحهم لهم في الانتخابات او داخل البرلمان اوفي المحليات


واحب ان اختتم كلامي بذكر حقيقة ان الحزب الوطني قد ورث كافة مقرات الاتحاد الاشتراكي في انحاء الجمهورية وهذا بعد ان ورث السلطة منه وهذا دعا بعض الناس ليعتقدوا ان( حزباواحدا هو الذي يحكمنا من سنة 1952حتي الان)وهي فكرة تعتبر جزئيا صحيحة ولكن الصحيح ان تنظيم السلطة هو من يحكمنا حتي الان مهما اختلفت مسمياته ،فاذا ما صلحت السلطة صلح معظم الحكم وان فسدت السلطة فسد الحكم كله ولا اكون مصيبا اذا ما قلت ان الكيان السياسي الذي عضد بناء السد العالي اوالقطاع العام او وقف وراء حكومة حققت معدل نمواكثر من ستة بالمائة بعد نكسة عسكرية واثناء اعادة بناء جيش ضخم يكون هو بعينه الكيان الذي يبارك سياسات البيع الشامل والكوارث المتلاحقة والاقتصاد الهش

Mar 3, 2008

ستي ...بيبلوجرافيا


دعونا اليوم ايها السادة ندون عن( ستي)وهي لمن لم ينشأ في الريف مثلي تعني جدتي ،ستي من مواليد الثلاثينات في القرن الماضي ولدت لاحد عمال ادارة هندسية لاحد المراكز الريفية بمحافظة كفر الشيخ ونشأت في رحاب مسكن الادارة وقد نشأمعها بالمناسبة اولاد مهندسي الادارة وكان منهم مذيع التليفزيون القديم (مصطفي البودي)ولمن لايذكره فقد كان يقدم حلقات مجلس الشوري

تزوجت ستي في التاسعة عشرة من عمرها من احد المزارعين -عمل بعدها في المستشفي المركزي-وكانت توصف بانها (اجمل نساء العزبة)بطول قامتها وبياضها وعيناها الواسعتين،وذلك علي الرغم من انها لم تتلق تعليما يذكر

كانت ستي -المنشأة في رحاب بيت احد العمال -تجد صعوبة بالغة في اتقان اعمال الفلاحة من رعاية الحيوانات والعمل في الحقل وكل ذلك بجانب رعاية الابناء الذين يصلون الواحد تلو الاخر،وبالطبع كان توزيع الاراضي علي الفلاحين بعد الثورة يزيد الطين بلة فلم تعد الاسرة تجد عمالا ليعاونوا واصبح من المحتم القيام بكل العمل بالاعتماد علي النفس،

قبلت ستي القيام بكل المطلوب منها سواء في البيت او في الحقل طوال العام علي ان تكون الجائزة هي عشرة ايام تقضيها عند اخوتها في قاهرة المعز فتحضر فيها مولد السيدة زينب كله ثم تعود بعد انتهائه

انجبت ستي خمسة بنات- كبراهن والدتي-وولدين ثم توفي جدي بعدها(اواخر السبعينات)ولم تكن قد زوجت سوي والدتي فقط،رفضت الزواج من بعده وانكبت علي ماكينة خياطة تحيك الملابس الريفية لنساء البلدة مصرة علي ان تساند الاولاد حتي ينهوا تعليمهم ويستقروا في بيوتهم

اكرمها الله بالحج عن طريق القرعةعام1987كما اكرمها الله ايضا باولاد بارين منهم الذي سافر للعمل في السعودية ودعاها ثلاث مرات لعمل العمرة وكل مرة تعود وهي لا تريد ان تعود وتظل تتابع اخبار الحج والسعودية في التليفزيون بقدرة عجيبة حتي اصرت علي تركيب وصلة(الدش المركزي)وتظل طوال النهار تنتظر الصلاة في الحرم وتشرح لمن يجلس معها اين كانت تسكن والي اين تؤدي ابواب الحرم وما الي ذلك ولا تنسي ان تدعو (للراجل بتاع الكامرة)علي انه اتي لها بكل هذه المناطق وهي جالسة في مكانها

تقول ستي هذه الايام انها تكره حسني مبارك وذلك بالطبع ليس لانها تنتمي لحركة كفاية لا سمح الله ولكن لان ادارة المعاشات خصمت من معاشها مائتي جنيه لصالح اختها

بالطبع انا ليس لي (شغلة )في الدنيا سوي ان (انكشها)خصوصا بالتعليق علي طبعها الذي لا يخالف طباع الناس البركة(بتوع زمان)وهي بالطبع تباريني في مسلكي بكل براعة،فاذا ما قلت لها مثلا(ايه الجلابية الحلوة دي)ترد هي وتقول (هي فين دي من ايام فحاتين البحر !!)وهكذا

ادعوا لستي بدوام الصحة وبركة العمر