Aug 30, 2008

حــركــــة كـــــفايــــة 2

تدوين سياسي غير معهود : توصيف حيادي للساحة السياسية المصرية
*************
في الفترة بين ديسمبر 2004ومايو 2005توالت احداث عديدة وجرت مياه كثيرة تحت الجسور ، كانت ملامح كل شئ تتبدل ، وصار واضحا ان اركان الحكم في مصر قد بهتت بهذا الحدث الغريب عليها وعلي ارض العرب كلها ، وبالطبع فهي لم تألف اسلوب تأسيس مثلما تأسست به الحركة ولا تقارب شخصيات ورؤس تيارات ما كان متوقعا ان تتقارب وكذلك الابتعاد عن التنظيم الهيكلي بمناصب ومسميات تفرض فرصا للصراع ، ايضا كانت الحركة صاحبة الربح في تأسيس اسلوب احتجاج سلمي حضاري يتلافي ما تدعيه اجهزة الامن وفي نفس الوقت يظهر بمظهر مشرف امام الشعب والشعوب الاخري كاشفا عن نبل المطالب ، بل والبعد عن المصطلحات الايديولوجية الغليظة والمطالب الملتفة والاكتفاء بمطلب وحيد بسيط الصيغة : كـــفايــــة

توالت المظاهرات و تباينت اساليب التعامل معها وان ظهر ان اركان النظام بالفعل تعاني من الارتجاج وانها قد وقعت بين مطرقة المطالب الخارجية بفتح منافذ التعبير وسندان المطالب الداخلية بالتخلي عن الحكم والرحيل

وكان من اظهر المشاهد التي بينت هذا الارتجاج هي المشاهد التي جرت في شوارع وسط البلد انتهاءا بسلالم نقابة الصحفيين يوم الاستفتاء علي تعديل المادة76من الدستور في مايو2004من نزول اعضاء الحزب الوطني بانفسهم الي الشوارع لتسيير البلطجية والمسجلين وتحت رعاية وزارة الداخلية وانفلات اعصابهم وغياب عقولهم للدرجة التي ورطتهم - وقد تم تصوير كل الاحداث -في التحريض علي هتك عرض المتظاهرات وتأديب المتظاهرين بما ينفذ الي مراكز الكرامة لديهم ويحيل دون استمرارهم في ما ارتضوه لانفسهم

وبعد انتخابات البرلمان لعام2005والتي اعلن فيها عن نجاح 88نائبا من الاخوان المسلمين بان ان ( المطرقة ) الخارجية قد رفعت عن رأس النظام الحاكم بعدما نجح في ان يخيف اساطين الحكم في واشنطن من الخيار الاسلامي الذي يتلمظ للانقضاض علي الحكم ، ولم يعد هناك للحركة - وللامانة فهي لم تقصد منذ البداية - سوي الشعب

وكانت النتيجة - للأسف - ان اللحظة التاريخية لنهوض المصريين لم تتوافق مع تأسيس الحركة - علي الاقل في ما فات -ونالت الحركة وكوادرها اقصي افعال التضييق والقمع ثم المنع وبأشنع الطرق علي مرأي ومسمع من افراد الشعب قاطبة

قد يتسرع البعض باتهام الشعب المصري بالجبن والسلبية بالحكم المطلق لكن العقلاء اسرعوا الي المنبع الوحيد الذي يمنح الفهم لما هو قادم الا وهو التاريخ ، حينها لاحظوا ان المصريين من اقدم شعوب العالم وابعدهم غورا في التاريخ وان تاريخهم يمكن توصيفه بطبقات متوالية من حكومات واديان ولغات مختلفة لم يربط بينها سوي رابط واحد : سمات شعبها

الشعب الذي كان يعبد مليكه هو نفسه الشعب الذي كان يدحر الهكسوس والاشوريين

والشعب الذي خرج لملاقاة التتار في عين جالوت وردهم عن ارض العرب هو نفسه الشعب الذي يسارع بغلق حوانيته وابواب بيته اذا ما دارالقتال بين المماليك وبعضها الي ان يأتي صباح ينادي فيه ان الامر قد استتب للمملوك الفلاني

كان اول اسباب وقوف الحركة بمعزل عن الشعب ان الشعب المصري لا يتحرك كله الا استجابة للحل الجاهز ، البديل الذي يؤكد قوته بالفعل ويدخل في اختبار القوة والذكاء مع سابقه ويهزمه والمستحق حينئذ للتأييد والبذل ، ولم يكن اسلوب تأسيس ولا الاهداف التي تقصدها الحركة يسمحان بتفعيل هذا( تأمل في حدث قيام الثورة وما نالته من تأييد وتأمل ما التقطه الاديب المصري نجيب محفوظ في روائعه التوت والنبوت والحرافيش وغيرها)ه

وكان ثاني الاسباب هو زهو الحركة الشديد بأنها الوحي الاعظم لاسلوب التظاهر كأسلوب احتجاجي سلمي في مصر بما كان الهاما لكل الفئات كي تتقدم بنفس الاسلوب وتطالب بحقوقها ، وهذا وان كان تصورا صحيحا في مجمله الي ان الزمن يجعله عديم المعني لان الحركة لم تجتهد لكي تطور من اساليبها افقيا او رأسيا وبالتالي لم يكن هناك نافذة تطل بها علي الناس سوي نافذة المظاهرات وحين انقمعت المظاهرات انعزلت الحركة ( هذا بجانب ان الثقافة المصرية اساسا لا تعترف بالمظاهرات وتعتبرها تجربة لصحة الحنجرة ليس الا ! )ه

وكان ثالث الاسباب هو التشتت الشديد في نشاط الاعضاء واقصد به ان تأسيس الحركات كان متوازيا لا متراكما ، فالافراد الذين اسسوا كفاية خرج منهم البعض لتأسيس ( عمال من اجل التغيير ) وخرج فصيل اخر لتأسيس (حركة 9مارس ) ولم ينجح الاصل ولا الفروع في اجتذاب كتلة تحمي وتؤازر في المعارك التي انفتحت علي مصراعيها فظلت ايضا وحيدة

والساحة السياسية دائما ما تتمثل بجبل الثلج الذي لا يظهر منه الا قمته ، ومع هذا يمكن الاطمئنان الي كفاح الحركة المصرية من اجل التغيير ( كــفــايــــة) كفعل وطني خالص قد يكون قد ضل طريقه في النفاذ الي ضمير المصريين وان لم يخطئ ابدا حين اتخذ مرجعيته الاولي والاخيرة الشعب المصري

Aug 8, 2008

ليتــك كـنـت هــنـا !!ه


ليتك كنت هنا يا مهند
طلع الصباح منبئاً بنهارٍٍٍ رائع
اخذت طائرتي الورقية وانتويت ان اطيرها اليوم
وليتك كنت هنا يا مهند حين مر عليّ هذا الرجل العجوز
وراني اجهز الخيط
اذا به يضحك مستعرضاً اسنانه النخرة دلالةً علي خبرته!!ه
ويخبرني انني مجنون اذ أفكر في ان أطيّر طائرتي هنا
شارع ضيق وبيوت تكاد تنطبق علي بعضها
لذا فقد نصحني ان أنضم الي أقراني والعب معهم
المسّاكة او نط الحبل او حتي بالـبـلي !!ه
وألاّ أحاول !ه
وليتك كنت هنا يا مهند
حين بدأت أطيّر طائرتي
فاذا بالخيط يشتبك بأحبال غسيل ام هناء
ًنعم هي نفسها الأحبال التي تحلو في عيون (ام هناء) كل ليلة
فتبدأ في نشر غسيلها المزعوم
ومعها تسترق السمع لتري ما أتي به (ابو حسين) لبيته!!ه
وليتك رأيت العجوز وأقراني والمارة تتعالي ضحكاتهم
العجوز عرفاناً للقدر الذي لم يـخيّــب ظن (خبرته)!!ه
وأقراني الذين أرادوا ان أنضم اليهم
والمارة الذين عاشوا وسيموتون دون ان يروا الشمس !!ه
انا ايضا لم ار الشمس !!ه
و لا أظن أني سوف أحيا لكي أراها
ولكن حسبي ان أجعل الشمس تغمر طائرتي بنورها
ولسوف تغمرها
**************
ليتك كنت هنا يا مهــنــّد
فتصير الطائرة طائــرتيــن
ويستحيل الوجود ملكاً لنــــــا

Aug 1, 2008

حـــركـــة كـــــفـــايـــة 1


تدوين سيــاسي غيــر معــهـود : تــوصــيــف حـيــادي للــســاحــة الـسيـاسـية المــصــريـــة

*************


في اعتقادي انه لن يستأثر حدث باهتمام المؤرخين للسياسة المصرية في هذه الفترة مثلما سينال تأسيس الحركة المصرية من اجل التغيير (كفاية)


فبالاضافة الي ظروف التأسيس ونوعيته الفريدة والجديدة تماما علي المجتمع السياسي في مصر فان الفترة التي سبقت التأسيس نفسها كانت الفترة التي اصيبت فيها السياسة المصرية (الرسمية والموازية)بأمراض عضال يأس الجميع من ان تشفي منها


ثلاثة وعشرون عاما كانت مدة هذه الفترة ، بدأت باغتيال الرئيس
السادات في جمع من رجال الدولة وكان واضحا للجميع ان مصر الان تجلس علي برميل من البارود لن يكون انفجاره بالشئ المحبب ابداً، ولذا فقد التفـّت اغلب طوائف الشعب حول الرئيس الجديد(حسني مبارك) درئاً للفتنة في المقام الاول ومحاولة للتوحد ضد الخطر الذي بانت رؤسه في حادث المنصة

عــلّقت جموع الشعب المصري امالها بالرئيس الجديد وأثرت ان تعطيه من الصلاحيات ما يمكنه من الحركة بحرية علي الصعيدين الداخلي والخارجي علي ان تؤجل اوقات المطالبة الي ما بعد ، ولكن لم يمض وقت كبير حتي دب القنوط في قلوب المصريين بما ظهر لهم من قدرته وألمعيته المحدودين ، وردود افعاله تجاه الحركة الدولية ،ثم وبعد وقت قصير يأسوا تماماً وانخفض سقف طموحاتهم الي ما اعلنه هو عن تقديم الاصلاح الاقتصادي علي اي مطلب وصارت الطموحات ليست تحرير الاراضي العربية المحتلة او درء الاخطار عن الامن القومي او تأسيس نظام محكم لتداول الحكم في مصر لكن الطموحات صارت الحصول علي مسكن ملائم او توصيل المياه النقية او الحصول علي شبكة صرف صحي (! )سليمة(لان رئيسهم سبق حين سأله احدهم عن مشروع قومي يلتف الناس حوله ان تعجب وقال: اليس الصرف الصحي مشروع قومي؟)ه


عمد الرئيس الجديد الي التعبير عن زهده في المناصب مؤكدا في خطابه الاول ان الكفن بدون جيوب ، ولم تمض سوي فترة قصيرة حتي اعلن انه لا ينتوي البقاء اكثر من مدتين رئاسيتين موضحا ان هذا يكفي جدا ، ولكن من الواضح ان هذه التصريحات كانت للاستهلاك المحلي او ان الظروف التي تحققت لم تعد تسمح بتنفيذ هذه الالتزامات ، وانا ارجعها لعلاقات ومصالح في الداخل وعلاقات ومصالح في الخارج لن يصلح ان يرعاها سوي صاحبها او احدا من دمه!!ه


كانت الرؤية غائمة علي اعين المصريين خلال اجتياح لبنان ومجازر صابرا وشاتيلا والحرب بين العراق وايران والانتفاضة الفلسطينية واختلطت الصور حتي في حرب الخليج الثانية ضد العراق ، لكن حين بان ان الحرب تجاوزت الغرض منها وهو رد العدوان عن الكويت الي محاولة تركيع العراق ومقايضة حياته بثروته النفطية ، وكل هذا مشفوع بمباركة بعض الحكام وصمت وحذر البعض الاخر هنا ظهرت الاولويات الحقيقية للنظام في مصر وبدأت تظهر بعض الاصوات المعارضة للمسلك السياسي المصري في الخارج وفي الداخل ايضا


بيد ان كل هذه الاصوات المعارضة كانت في بعض الاحيان تصاب بالقنوط من دبيب الروح في جموع الشعب ، وفي بعض الاحيان كانت الاصوات يتم اسكاتها بالاحتواء تارة وبالجبر تارة وفي مجملها لم تكن سوي صيحات منفردة متفرقة لا تستطيع حتي الوصول الي اذان الناس
وتتوالي الاعوام والاحداث علي مصر ، حكومات تأتي وحكومات تذهب ولا تغيير في الحال الا للأسوأ دائما ويظل الغيظ مكظوما في الصدور مع بعض التنفيس مرة هنا او هناك - وفي الغالب فلا تكون الاحزاب المصرية هي المسئولة عنها بأي حال من الاحوال بعدما فقدت اتصالها بالجماهير -الي ان كان العام 2003وبدأت القطع العسكرية الامريكية في الاحتشاد في الخليج (العربي سابقا )مارة خلال قناة السويس علي مرأي من المصريين بما كان سببا لتنامي الغضب في صدورهم تجاه الامريكيين وذيولهم ولم تمض ايام الا والضربات قد بدأت تنهال علي رؤس المدنيين في العراق لتخرج جماعات الرفض في مصر الي ميدان التحرير للتعبير عن ادانتهم للاحتلال واستنكار موقف الحكومات العربية، وكالعادة فُضت المظاهرة بكثير من العنف
وفي عام 2004جري التعديل الوزاري ولكن مع الاحتفاظ بوجوه محددة تم اعتبارهم الفريق الاساسي لمبارك الاب في حين ان اغلبية الحكومة جائت متوافقة مع اختيارات الابن (جمال )والذي بدأ صعود نجمه السياسي (صناعيا ) في اثارة قلق العديدين ، وفي ااحد ايام نفس العام اجتمع ستة من حكماء السياسة المصرية واتفقوا علي ان مجاهدة اي محاولة للهيمنة والسيطرة من قبل القوي الكبري لابد ان تبدأ بأن تبرأ مصر من نظام حكم تابع علي احسن الظروف ، وخلال الجلسة تم وضع تصور لانشاء حركة جماهيرية لا تشترط في الانضمام اليها سوي التمسك بمبدأين: لا للتمديد ولا للتوريث
بالفعل بدأت الدعوة الي الحركة في خريف 2004وحازت الحركة نجاحا كبيرا في الدعوة اليها لانها كانت تعبر عما يجيش في صدور الكثيرين كما انها توقفت عن اتخاذ رؤساء الوزراء (فتيش )ونسبت الانحدار الي النظام الحاكم وسياساته التي لا تبالي الا الي امنه هو علي حساب حياة الشعب وكرامته
انتزعت الحركة حق التظاهر السلمي ضد النظام صراحة فكانت المظاهرة الاولي في ديسمبر 2004امام دار القضاء العالي ثم توالت المظاهرات بعدها في مختلف الاماكن والمحافظات
اعلنت الحركة منذ البداية انها ليست في نفسها بديلا عن نظام الحكم ولكن تقصد الي فتح طريق للمجتمع المدني لكي ينهض بمهامه واحتياجاته لذا فلم تكن تحتاج الي كتابة برنامج عمل او ما شابه
عضوية (كفاية)لا تحتاج الي التوقيع بالموافقة علي بيان الحركة وهذا ما فعله الكثيرين بأشخاصهم لا بهيئتهم ومناصبهم منهم علي سبيل المثل لا الحصر: ايمن نور ويوسف شاهين واسامة انور عكاشة ومحفوظ عبد الرحمن وامين اسكندر ومجدي احمد حسين وعبد الحليم قنديل وهاني عنان ومحمد الاشقر وكريمة الحفناوي واحمد بهاء الدين شعبان ومحمد السيد سعيد ومحمد السعيد ادريس وغيرهم الكثير

تولي مهمة المنسق العام لاول مرة السيد جورج اسحق ثم اعلن تنحيه ليتولي من بعده الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله ، وجدير بالذكر ان الحركة لم تلاقي نجاحا في الحصول علي اغلب مطالبها في الوقت المحدد الا انه لابد ان ننتبه الي ان الحركة قد صارت مصدر الهام لكل الحالمين بالتغيير والحكم بالديمقراطية فنشأت ما يمكن ان نطلق عليه تفريعات متصلة منفصلة عن الحركة من مثل (عمال من اجل التغيير )و(طلاب من اجل التغيير )و(فنانين من اجل التغيير)وغيرها الكثير