Apr 27, 2010

بعد الف سلام وتحية




عمو العزيز صلاح


بعد الف سلام وتحية


هذه ذكري وفاتك الثالثة والعشرين قد حلت ومع ذلك فإنني وللعجب لا أراك بعيداً كل هذا البعد ، وحتي ولو قال كل من حولي انك محبوبهم وظلوا يعلقون رباعياتك علي صدورهم ويتغنون بحكمتك وتلقائيتك التي مكنتك واياهم من ملامسة السحاب ، الا انهم ومع كل هذا جزء من هذا المجتمع الذي لا ينظر أغلبه للحالمين والمبدعين الا كنظرته الي الببغاء في قفص ، يثنون علي ألوانه ويضحكون علي صوته ويتسلون بمتابعته الا انهم لا يملكون ما يستقبلون به حكمته ونقده اذا ما ( تجرأ ) يوما علي ان يفكر وينقد!!!ه

صادقاً غنيت انت للإنجازات التي صادفتها في شبابك ، أعرف انك كنت تلقائياً دافق الوطنية مبهوراً بما صار بعد ما كان ، وبعين الخيال انت رأيت ملامح المدينة الفاضلة وبشرت بها في أغانيك الجميلة ، ولكن جاءت النكسة بما بدل الحال


هم قالوا انك اكتأبت بعدها وأغلقت علي نفسك الأبواب ولما خرجت ، خرجت خالعاً ردائك وارتديت أسمالاً من أعمال ( خفيفة) كما حكوا!!!ه


وانا الذي لم أصادف الوعي الا بعد ان رحلت انت عنا أدعي بأني علي علم بحقيقة ما حدث ، وان كنت لا أصارح الكثيرين به فهم لن يستقبلوا كلامي اصلاً فكيف أطالبهم بتفهمه؟!!!ه

ألم يحدث يا عمو صلاح انك قد أفقت بأحداث النكسة علي الواقع الذي كان بعيداً بعض الشئ عن ما ورد في أغانيك؟

ألم يحدث أنك قد أغلقت الباب علي نفسك وأمعنت التفكير فعرفت انك كنت مبشراً مخلصاً لعظائم القضايا وان كنت فطنت الي ان ( القضية العظيمة ) هي مجموعة من القضايا الأصغر والأدق التي تنشد الي بعضها فتتعاظم وترقي؟

ألم تغني ل( الإستقلال الوطني) ثم أيقنت - حين أغلقت الباب وفكرت - الي انها مزيج الكرامة والتضحية وانكار الذات والترفع عن الدنايا؟

ألم تبشر بالمجتمع الرفيع ثم فطنت الي أنه مجموع التراحم والصدق مع النفس وقبول الأخر والعفة الخ ؟

ألم تدعو لاستنفار الهمم ونصرة الضعيف ثم عرفت انهما مرهونان

بصدق الإرادة ومطاردة الكذب والنفاق وتشجيع الحوار وعدم السكوت علي الظلم؟


أنت توصلت لكل هذا وخرجت من عزلتك عازماً علي رفع سلاحك من جديد ، ولكن هذه المرة كانت الأمور قد اتضحت وبان العدو الحقيقي الكامن في نفوسنا

في فيلم ( خللي بالك من زوزو ) انت حاربت إزدواجية التراث والمعاصرة ، الدين والدنيا ، الظاهر والباطن ، الفقر والغني وأهم من هذا كله قصدت طرح سؤالاً خطيراً : من نحن أصلا ؟

وبالطبع فإن الكثيرين رأوا الفيلم خطيئة في تاريخك ، كانوا ينتظرون من الببغاء ان يواصل تسليتهم!!ه


وفي فيلم ( أميرة حبي انا ) حاربت القضاء علي البراءة والتكافؤ من قبل قوي التحكم وشراء البشر والذمم ، ومثلما كان هناك المدير العام المتحكم المتكئ علي كرسيه كان هناك الموظف الذميم والموظفة الغيورة


وفي تحفتك ( شفيقة ومتولي )أظهرتنا بالفعل كما نحن ، بعض من ملح الأرض ضحايا المتنفذين والمتجبرين ، ومنا ايضا الخائن الذي باع شرفه وبلاده وأهله من أجل منصب أو حفنة سم هاري


وأخذت صبيحة كل يوم تتحسس مواضع النقص داخلنا ، تحمل ريشتك وتشير اليها علنا نسمعك ، ونحن نتصفح رسوماتك ونضحك ، يسرح السم في دمك ونحن نضحك!!ه


حتي عملك الرائع ( الليلة الكبيرة ) لم يكن تصويراً بديعاً لأحد محافل المصريين التليدة والعميقة في وعيهم ، ولكنك حملت الشخصيات كل ما فينا فخرج بهذه العظمة

ولم يكن بعيدا عنا ( ابو عمة مايلة ) ولا الذي سيحول وجه السبع شوارع

ولا الذي امتنع عن ابداء عترته لان( البدلة جديدة ) ولا الذين يقضون الليلة الكبيرة في استمتاع باحساس العيش ( سفلقة ) اكثر من تمتعهم بالليلة نفسها


حتي حين إرتأيت انت ان العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا أساس ومصنع النفوس وبحاجة الي العناية لم تتأخر ، وكتبت مسلسل ( هو وهي ) عله يسهم في ترميم علاقة الرجل بالمرأة فتنشأ ذرية مستقرة وقادرة

ومضت الأيام ، وتوالت السنون ، وانت تنتظر ما لا يجئ ، وزاد لديك اليقين بأن ما تأمله لن تراه بعينيك ، فصبيحة كل يوم تحمل خبراً ثابتاً بالإبتعاد أكثر وأكثر عن مرفأ الأحلام ، وصارت المدينة الفاضلة التي


قاربت ان تعاينها بنفسك بيننا وبينها بحاراً وجبالاً ووهاد ، لم تخر ميتاً الا بعد ان جاءك يقين أخر أننا صنعنا كل هذا بأيديناِ



Apr 8, 2010

خواطر علي مقعد مائل


جابت عيناه صفحة البحر امامه ، تمايل المقعد بعض الشئ وإن توطدت قوائمه في رمال الشاطئ من تحته وحين اراد تقويم وضعه لم يقدر فرضي واستوي ، طلب فنجانا من القهوة وتوصية ( الحرس ) بشحذ حواسهم
لا شئ افضل لديه - لو يعلمون - من ترك الدنيا كلها خلف ظهره والتنعم بالنظر لهذه الصفحة الزرقاء الصافية ولكن منذ متي والمرء يؤتي كل ما يتمناه؟!!ه
قديما كان يعتقد ان المرء قد يؤتي فعلا كل ما يتمناه ، وفي عام ما اعتبر نفسه الدليل الحي علي هذا ولكن الان وبعد كل هذه الأعوام أدرك جيداً انه كان دليلاً علي الوهم ، فكل ما فيه الأن حلم به الكثيرون ويحلم به الان الكثيرون وسيظل يحلم به الكثيرون ولكنه وغيره لم يتوقفوا ليسألوا انفسهم مرة : ما الذي اريده حقا؟!!ه
السلطة ، المال ، النفوذ ، الشهرة ، كلها مفردات لأشياء براقة والكل يطمح فيها ولكن بان انها في ذاتها لم تكن هدفا والا فليقولوا لم يجمعون نقوداً بالمليارات يعرفون جيداً انهم لن يعيشوا لينفقوها؟!!ه
اليوم بان ان كل ما فات كان سعياً خلف الحرية!!ه
واليوم بان انه ومن معه ابعد ما يكون عن الحرية!!ه
عاش ومن معه يكدون فقط في الحفاظ علي المقود في أيديهم وذلك طلباً للحرية ، لئلا يقهرهم احد ولتنفذ كلمتهم في راحة الناس ثم في حياتهم وأخيراً في موتهم
ومثل الطفيل امتص كل حيوية الناس وانتزع حريتهم لكي ينفذ كلمته ويحمي حريته
ومع ذلك لم ينتبه ومن معه الي انهم يدلفون طريقا ذا اتجاه واحد ، العودة منه مستحيلة والنفوذ فيه علي رقاب العباد يتزايد بينما ينكمش النفوذ علي النفس والمصير حتي كاد يختفي
يا للعجب ، الطريق للحرية حمله للرق والأغلال!!ه
ولا أحد يدري ، الكل يطلب منه ويطالب ، انت المسئول ، انقذنا ، افلا يعقل هؤلاء انه لا يملك لنفسه شيئاً بعد ما صار مغلولاً عاجزاً!!!ه
انزاح ، استقل ، استخلف
تواتيه بسمه حزينة وهو يرقب احد النوارس يتيه علواً وانخفاضاً
في أحسن الظروف وأفضل التوقعات فإنه سوف يتحول الي مسن منزوي حبيس لا يطيق أحد النظر في وجهه ، أما التوقعات الأخري ، لا لا ، لا يريد التفكير فيها أصلاً
يقول للأيام ان تمضي ، وقع من الزمن موقعاً فريداً لا يريده ان يتعجل فيفضي به الي مصيره الأبدي ، ولا يريده ان يتمهل فيتركه نهباً لهؤلاء الموتورين
أقسي ما عليه الأن هو إضطراره للصمت أمام إتهاماتهم ولعناتهم ، ولو كان له ان يتكلم لقال لهم : لا تلوموني ولوموا انفسكم
***************
وجائت القهوة