May 23, 2010

فلاش بـــاك

سبتمبر- عام الف وتسعمائةوتسعة وتسعين
بالأمس عبرنا قناة السويس بالعبارة عند القنطرة شرق متجهين للعريش ، الرحلة تابعة لوزارة الشباب وسنقيم في احد المعسكرين التابعين لها هناك
المدينة جميلة وهادئة وشاطئها وان كان في معظمه لا يحتوي تلك الرمال الجيرية الناصعة التي تعطي البحر الوانه الفيروزية الساحرة الا ان انتشار النخيل علي البحر مباشرة يعطي المدينة سحراً لا يتوافر لشواطئ أخري
بالطبع لابد ان اتوقع سيطرة الأجهزة الأمنية علي مقدرات البلدة والأمور فيها ، وهو شئ في مجمله لا لوم فيه مطلقا ، أزعجني انتشار المنتجات الإسرائيلية الكثيف هنا في الأسواق وخاصة انها كماليات ( ادوات زينة ، شامبو ، صنادل الخ )ه، اذن فالحكومة توافق علي التجارة والكسب لكنها لا تسمح بأكثر من ذلك والا فلماذا الليلة وانا علي الشاطئ اتحدث مع زملائي عن ما يفعله صدام حسين اذا برجل ضخم يجاورنا في المقعد العام يميل الي ويأمرني الا اتحدث في السياسة !!!!ه
في الغد سوف تأتي الحافلة لنزور عدد من المعالم منها بوابة الشيخ زويد ورفح - حيث سأمشي في شارع طويل نصفه في مصر ونصفه الأخر في فلسطين - ثم مستعمرة ياميت - وهي كومة من الأنقاض للمستعمرة التي أخلتها اسرائيل لدي انسحابها ثم دمرتها واشترطت الا يمس الأنقاض أحد وهي
علي ذلك الي الأن ، خرابة - ثم سنزور النصب التذكاري الصخري لتخليد ذكري القتلي الإسرائيليين في سيناء( ! )
لن يلفت نظري من هذا كله سوي سلوك مرافقنا في الجولة الذي ما ان تحركت الحافلة حتي بدأ شرح تاريخ المكان وجغرافيته وبعض طبائع أهله
ساق المرافق - الذي هو بالطبع يخاطب مجموعة شبابية داخل سيناء وبالتالي قد تمت إجازته - ضمن ما ساق بعض الحديث عن عادات العرايشي واذا به يقول لنا ان كلمة ( ،،،،)- وهي كلمة غير دارجة اطلاقا لدينا في الحضر - قد تضايق العرايشي جدا لأنها سبة قاسية وتجعله في حالة شديدة الغضب!!!!ه
سبحان الله ، هل مثل هذا يقال في كتب الإرشاد السياحي؟
أم انه تلقين؟


اخلاء مستعمرة ياميت






*************************

أغسطس عام الفين
كان المعسكر لأبي قير بالأسكندرية هذه المرة ، وافقت علي الإنضمام اليه لأسباب عدة ،منها مثلا اني سوف ألج الكلية بعد شهرين وأريد أن أقيم الحزب الوطني - صاحب المعسكر - فهو كما يبدو مجتهداً محترفاً والا كيف احتفظ بالسلطة كل هذا الوقت ويغري سيادة الرئيس برئاسته ؟
بالطبع لاحظت ان معسكر الحزب الوطني سوف يقام داخل معسكرات وزارة الشباب بأبي قير وهو ما لا أدري كيف يتم ، تأجير ، او في بيتها ، او الخ!!ه
تواجد السيد نبيه العلقامي بنفسه ليشرف علي المعسكر - علي الرغم من ان احدي قدميه كانت في الجبس ويسير بمساعدة عكاز - وكان أنئذ أميناً للشباب داخل الحزب ، وهو لمن لا يعرفه بنفس ( ستايل ) صفوت الشريف!!!ه
ولو نظرت سيادتك للتاريخ بالأعلي سوف تعرف ان انتخابات مجلس الشعب كانت بعد ثلاثة أشهر - وهي كما سيصفها العلقامي في احدي الندوات ( أصعب إنتخابات للحزب الوطني علي الإطلاق) بالطبع هو لم يقل لماذا لكن الجميع كان يعلم ان الصعوبة تكمن في الإشراف القضائي الذي فرض علي الصناديق هذه المرة ( فاز الحزب عامها بعد الكثير من المصادمات ومنع الناخبين بنسبة تسعة وثلاثون بالمائة تقريبا من مقاعد البرلمان!!!ه)ه
اريد ان اقول ايضا أن اغلب الذين أتوا لا يعرفون اي شئ عما يحدث حولهم فهم يظنونه معسكراً ترفيهياً !!ه وسوف تنقضي أيام المعسكر كلها يقفزون من فوق الأسوار نهاراً ليذهبوا للشاطئ وليلاً ليسهروا في الاسكندرية!!ه
عموماً العلقامي ضمن خطة المعسكر كان يستضيف كل ليلة احد البارزين في الحزب - غالبا وزير - يتحدث فيها عن خطط الحزب المستقبلية لتشغيل الشباب واصلاح الإقتصاد الخ الخ الخ
بالغد مثلاً سوف يحضر السيد هادي فهمي رئيس احدي شركات البتروكيماويات - وتوأم سامح فهمي وزير البترول وسيتكلم عن دور الشباب في الحزب وتجربته في ادارة شركته ثم يزف العلقامي البشري بأن فهمي قد أتي لهم بحقائب مليئة بمجموعة من ( المبيدات الحشرية )والحقائب الفارغة الأنيقة سيأخذها مندوبو المحافظات الذين يعرضون أعلي النتائج للإنضمام ورفع اعداد العضويات في محافظاتهم!!ه
لا أريد ان أصف المشهد السوداوي التالي في التهافت وطريقة العلقامي في التعامل معهم ، لا يهم ، سوف يلفت نظري ساعتئذ الإبتسامة المعلقة علي شفتي هادي فهمي وهو يراقب اي من المندوبين يسرد من الأكاذيب او المساخر - لا فارق - وعينه علي الحقيبة ، كانت ابتسامة مترعة باحتقار واستهانة ما بعدهما ، وله عذره هو الأخر
قد لفت نظري ايضا هذا الشاب النحيف ذي المنظار الطبي الأنيق والشعر الخفيف الذي جلس هادئا منصتاً في مقعده في الصف الأول ولا
ينسي بين الفينة والأخري ان يدون بضع كلمات في أوراق معه
بالطبع تعرفت علي سمت من مثل هؤلاء ، المثقف المحب لبلاده الذي سلك الدرب الشرعي لكي يدلي بدلوه في توجيه سياسة الحكم في وطنه، وبالنظرة البعيدة يمكنك ان تري مستقبله فهو اما سيترك الحزب لأن قواعد اللعب غير نظيفة علي خلاف ما انتظره ، او انه سيصبر متحججاً بعدم اليأس الي ان يأخذ وضعاً داخل الحزب وحينئذ لا يمكنك ان تعرف، هل ما رأه في رحلته أثر فيه فجعله يقسم علي المحافظة علي وضعه ( أحذركم منه جداً فحينئذ هو أخطر الف مرة من الوغد العادي والأمثلة كثيرة ) او سيغلق عينيه عن ان يري تهافت المحيطين ( كوادر وجمهور) ويظل يخلص لمبادئه
طلب الكلمة ، تحدث بهدوء ومنطق أسرين ، نال الإعجاب ، عاد لمقعده وسط التصفيق ، من منصته العالية رمي له العلقامي حقيبة فارغة كجائزة ، سقطت علي الأرض بين المنصة والمقاعد ، ظل كما هو ولم يتحرك، حضه العلقامي بغلظة أن يأخذ الحقيبة ، قام ، وغادر