حـــزب الـــوفـــد : الكـــوبـــــري!ه
قبلاً دونت عن حزب الوفد كسرد مبسط عن الحزب ومكانته في مصر ، حينها تحدثت عن ان الوفد هو الحزب الوحيد في الوقت الحالي الذي يحمل سمت الحزب القادر علي القبض علي مقود السلطة بخبرة وقدرة بعض أعضائه وكذا بتاريخه الحافل ومكانته لدي المصريين
وحينها ايضا تحدثت عن ان الوفد يجب ان يتمسك بالنزعة الليبرالية في مواضع إبداء الأراء وتداول المناصب وان يتخلي عن نفس النزعة في مواضع موافقة القول للفعل والتعامل مع السلطة الحاكمة لكي يكون نموذجاً يقتدي به المصريون داخل الأحزاب الأخري وخارجها
واليوم وبعد مرور قرابة الأعوام الثلاثة علي تدويني السابق عن الوفد أجد ان الأمور لم تتجه - وتماشياً مع الجو العام - الا للأسوأ وانحدرت الهامات أكثر فأكثر ، وبالنسبة لحزب الوفد فقد ظل الحال كما هو الي ان أذاع الدكتور البرادعي نيته الترشح لرئاسة الجمهورية بعد ما انهي رئاسته لوكالة الطاقة الذرية
البرادعي مصر علي ان نظام الحكم استبدادي ومسيطر علي كافة مجريات العملية السياسية - ان وجدت - ولا يعترف بمواد الدستور التي تنظم عملية انتخاب رئيس الجمهورية ولا يرغب أصلاً في الإنضمام الي اي من الأحزاب الموجودة لسابق أفعالها ولأن الأمر ساعتئذ يعتبر محسوم وهزلي
قدوم الدكتور البرادعي من خارج الساحة وبثقل شخصي وفكري ونظافة صفحته جعل الأمر اشبه بصدمة كهربائية سمرت الكل ، حتي الاحزاب الثلاثة ( الوفد - التجمع - الناصري) صارت ملكية اكثر من الملك نفسه ، وبدلاً من ان تغطي نضالها المزعوم من اجل الديمقراطية بالترحيب بمبادرة البرادعي او حتي الترحيب بمناقشته - علي الأقل - او حتي عدم معارضته تناست كل ما يطالب به وتذكرت فقط انه لا يعترف بهم كأحزاب حرة - ! - وانه رفض الانضمام الي اي منهم !!!ه
تسارعت الخطوات وقدم البرادعي وزاره من زاره واجتمع عليه من اجتمع وتقرر تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير ككيان شامل ذابت فيه الأطياف الحرة ويطالب بمطالب تفتح مسام البلاد لكي تتنفس بعد اختناق ، انضوي تحت لواء الجمعية من المثقفين والسياسيين والفنانين حتي صار الأمر لا يحتمل ومقاومته تحتاج الي اسلوب مبتكر
والأن ماذا نفعل ؟
اقتضت الحالة صنع ( طوطم ) مشابه للجمعية الوطنية للتغيير وان كان الأمر يتطلب طوطم ( صديق ) و( أليف ) للنظام الحاكم ولا يخرج عن طوعه وكان ( الوفد ) يحقق المعادلة فهو يملك ( هيئة ) محترمة وتاريخ ضخم ولا يتطلب الأمر سوي قيادات ذات صفحة بيضاء بعد ما استنفذ فريق (أباظة - عبد النور) كل مياه الوجوه الفترة الماضية خاصة بعد ان ذاع خبر انعقاد صفقة بين الوفد والحزب الوطني علي ( منحة) العشرين مقعد في البرلمان نظير مناوئة البرادعي وجمعيته!!ه
وكان الحل في الدكتور السيد البدوي رجل الأعمال الناجح الصاعد بسرعة الصاروخ وصاحب الأداء العاقل الرزين والصفحة النظيفة والمجهول التوجه ، انتخابات الوفد نفسها جرت وعلي غير العادة في ظل مراقبة خارجية من شخصيات عامة وبأداء ( فاتن ) خلب لب الكثيرين ونشط لديهم غدة المشاركة السياسية بعدما تصورنا انها قد ضمرت
وعلي التوازي من وفود البرادعي ، بدأت وفود السيد البدوي تتوالي علي حزب الوفد تشيد بالتجربة وتشتاق للغيث بعدما استبشرت بالقطرة وتجهز نفسها لعمل سياسي حر ومشروع دشنته بتوقيع استمارة العضوية بين يدي ( السيد البدوي )!ه
أثار تساؤلي بعدها بعض توجهات البدوي ، من مثل عمل دورات في الممارسة السياسية لأعضاء حركة شباب 6 أبريل بالذات - وهي التي يتميز شبابها عن الموجود بالممارسة السياسية غير الملوثة بالأغراض و الحسابات الخاصة ويطالبون بالحرية ببراءة ونظافة ذمة ، ما المقصود؟ التوعية ام الاحتواء؟
وتصريح البدوي بأن الوفد سوف يحصل علي عشرين مقعد في الانتخابات البرلمانية التي هي علي الأبواب والتي لم يكن الوفد قد قرر بعد خوضها ، هل الصفقة ما زالت سارية؟ وهل هذا تمهيد؟
وما الفارق في سلوك قيادة الحزب تجاه الجمعية الوطنية للتغيير بين أباظة وبين البدوي سوي استقبال الأخير لوفد الجمعية لتهنئته بالفوز ورفضه حتي التنسيق معهم ، هل هي استراتيجية قيادة ام حزب يقف في الصف؟
وما كان الداعي للصياح في مؤتمر الحزب ان لا انتخابات دون ضمانات ولم تتحقق اي ضمانات فإذا بالحزب يقرر دخول الانتخابات بدعوي ان المقاطعة موات!!ه ، وما طبيعة المشاركة في انتخابات بدون ضمانات نزاهة إذن؟ هل هي الحياة؟!!!ه
يزداد لديك الشعور بأن رجل الأعمال في الحزب الوطني لا يختلف عنه في حزب الوفد ( من أمثال عبد النور والسيد البدوي ) ، كلهم يعمل لصالح جهة واحدة حتي ولو حمل ملامح مختلفة ، وانا لا اتوقع بالطبع الكثير من رجل أصابعه كلها تحت أضراس الحكومة وأمواله قد تصبح ( نهيبة ) في اي لحظة
ولكن حالة ( السيد البدوي ) بالذات بها بعض الخصوصية ، هذا الرجل من طراز السياسي الناعم والذي - وعلي عكس حلاليف كثيرين علي الساحة - يلتحف بطبقة سميكة من الكلام المنمق والأداء الأنيق والأفعال الجالبة للإحترام في ظاهرها ، هو من الطراز الذي يعرف جيدا ( كيف يبدو محترما) لذا فستتحير جداً في الحكم علي شخصيته واتجاهاته
ولكن حين انفجرت أزمة جريدة ( الدستور ) المصرية - الذي ابتاعها السيد البدوي وشريكه رجل الأعمال رضا إدوارد ومعهم مساهمين أخرين لم يكشف البدوي عنهم قبلها بشهرين مع سيول التأكيدات بأن سياستها التحريرية لن تتأثر او تتغير- لا أعرف لم لم تصبني الدهشة مما حدث ولم يسكن تفكيري سوي المشهد الأخير من الفيلم الرائع ( الريس عمر حرب ) - كما فضلوا كتابتها علي الأفيش - والذي يكشف فيه ( عمر حرب ) ل ( خالد )بأنه : يستخدم الناس بوجوههم وشخصياتهم في الحياة ، فهم يظنون انهم يصنعون ما يتصورون انهم يريدونه بينما في الحقيقة انهم يصنعون ما يريده هو...ما يريده (الريس عمر حرب)ه