أستيقظ من نومي علي هزة رقيقة من يد أبي وهو يهمس ويناديني
أفرك عيني متعجبا من ايقاظي مبكرا هكذا وخصوصا والشمس لم تغمر النافذة بعد ، يطلب مني في رفق ان افارق الفراش وأستعد لكي أنزل معه ، أسأله هل سنسافر ؟
فيجيب بأنه سوف يريني مدرستي اليوم
يسكنني احساس بالمفاجأة ثم أتذكر ما سبق هذا من ابتياع ملابس جديدة وحقيبة جلدية ( بحمالات ظهر )و كراريس ملونة وأقلام رصاص فأشعر بأنني استدرجت لمؤامرة كبري
أبي يعرف بالتأكيد ما سيحدث والا فلماذا تركني وانشغل باعداد ملابسه ، وانا اتحرك للردهة وأذني تلتقط صوت المذياع
باصبح عليك
يا قطر الندي
يا عبير الزهور
باصبح عليك
نساء ينشدن: الجنة أرضنا ، والحنة رملنا ، حلاوة شمسنا
باصبح عليك
وهنا أزفت الأزفة ولا مجال للسكوت ، بكااااااااااااااء ثم ماذا؟ بكاااااااااااااااااء
إخوتي الذين يكبرونني أخذوا حقائبهم واختطفوا شطائرهم وحاولوا محاولات عقيمة لمواساتي( وهم أولي بالمواساة )!!ه
يستيقظ أخي الأصغر علي صوت بكائي ويجلس بعيدا يرقبني في صمت ، تأكد أولا ان الموضوع ليس ( علقة ) جماعية ، يقترب مني و يطبطب علي كتفي مرددا :-ه
معلشي ، معلشي ،معلشي!!ه
تأتي أمي بأطباق الإفطار وهي تحاول هي الأخري بلهجة مغرية:-ه
ده انت هيبقي لك اصحاب كتير كتير زي عمرو وهشام كده ، و هتطلع رحلات والأساتذة هتعرفك
وأنا أرد:-ه
مش عاوز إيييييي مش عاوز
************************
يسير الأمر كما هو مخطط ، وأسير بجوار أبي وفي يدي حقيبتي بها كراستين وقلما وبراية واستيكة ، ينصحني بتعليقها علي كتفي لما رأي قاعها يحتك بالأرض!!ه
بنات وفتيات في عباءات بنية وكحلية ورصاصية يسيرون جماعات وأفراد والكل يمد الخطي بينما الأثير يحمل وقائع طابور الصباح في مدارس عديدة
مدرسة صفا
الله اكبر ، الله اكبر
تحيا جمهورية مصر العربية
حديث الصباح
نصل لمبني غريب الشكل له (حوش ) أمامي امتلأ بقطعان من الأولاد والبنات اتفقوا علي ارتداء مريولة صفراء بأزرار من الخلف ومنهم الممسك بيد أبيه - مثلي -أو ذيل جلباب أمه وفي الغالب دموعه تغرق خدوده مثلي ، ومن لم يبك منهم فهو يراقب العالم بعيون زائغة لا تهدأ !!ه
يصافح أبي أحدهم ويحادثه وان كانت عيناي قد تسمرت علي خرزانة معتبرة أمسكها أخر وأخذ يهش بها علي القطعان لكي تنتظم وتتراص
تداعب إحداهن خدي وتقول
انت بتعيط ليه؟ اوعي تكون مش شاطر زي اخواتك؟!!ه
يزداد بكائي حين يسلمني أبي ليد الشيخ ( علي) ويوصيه علي ، يتأكد انه أدخلني الفصل ويقف علي الباب ملوحا ومبديا رغبته في الرحيل
أين هذا اللوح الخشبي البارد من الفراش الدافئ ، وأين هذه الوجوه الغريبة المزمجرة من الوجوه الأليفة التي ما دامت تلاقيني بالترحاب وكلها أمل فقط أن ألعب معها !!ه
يتعاظم الهم فانطلق في بكاء مريع يأتي الي علي إثره الشيخ ( علي ) يلملم أطراف قفطانه ويطبطب علي كتفي ثم أتنفس ريح العنبر التي تعبق الكاكولا وهو يقول بفم خلا من الأسنان( أول مرة أري فما دون أسنان )ه
خلاااااااص ، بس متزعلشي بقي ما انا معاك أهه
طيب أجيب لك حاجة حلوة ، روح يا ابني اشتري له عسلية
عسلية؟!ه
أرد وانا أغالب دموعي:-ه
لا عاوز بسكوت!!ه
******************
وحين أتي البسكوت داريت دموعي
لليوم