اريد ان اقول انها اول مرة ارغب في التدوين فيها عن شئ ولا استطيع ان احدد ما هو ولا ما هي حدوده ولا ملامحه ، واذا قلت ان التدوينات السابقة كانت تحاول توصيف شئ ما بالفعل فانا متأكد ان هذا التدوين ليس الا محاولة عبثية للأبحار في الضباب دون امل في العثور علي شاطئ يحمل الاجابة
وعن علاقة هذا كله بالعنوان وصاحبه عم (غنيم) فالعلاقة وثيقة وعم (غنيم) يستحق مني هذه المساحة منذ زمن ولكن الحاجة اليها اشتدت هذا الاسبوع بالذات واصبح التأخر في كتابتها يعد ضرباً من الاهمال الجسيم
بم ابدأ؟
ان الامر محير فعلا وله اكثر من بداية
قد ابدأمثلا فأقول ان هذا الرجل الاصلع الستيني ابيض البشرة منوفي الاصل الذي قضي اكثر من اربعين عاما يعمل (فني معملي)في تاريخ طويل يمتد من كلية البنات عين شمس ومرورا بجامعة الملك سعود وانتهاءا بالكيان الذي يضمنا ،هذا هو عم (غنيم)ه
وليت الموضوع بهذه البساطة، ليت الموضوع ينتهي اذا ما ابصرت الرجل وهو يرتدي بدلته السفاري ويحمل دائما حقيبة ورقية في يده يتراوح ما بداخلها بين كيسين (فول) و (مسقعة)وخمسة ارغفة - يغري منظرهم علي الدوام بالسؤال عن مصدرهم -لزوم الافطار مع الموظفين-وهذا بالطبع طمعا في اصابة اي زيادة من اي مشترك- ومجموعة من الاوراق العلمية القديمة -طبعة الخمسينيات او الستينيات -والمنظار الطبي المكبرومجموعة كبيرة ومتنوعة وعجيبة من اقلام التظليل الملونة والرصاص والجاف الخ
اما اذا ما انتهي حفل الافطار - المدعوم دوما بفحول البصل والزيت الحار-فلابد ان الاوان قد ان لشرب الشاي ولابد ان اذكر ان عم (غنيم) قد تبرع بجلب سخان كهربائي (معتبر )وكل عدة الشاي - بما فيهم الشاي والسكر في الغالب-من بيته وهذا بالطبع ليس لميل فطري لعمل الخير-الله لايقدر!ه -ولكن الامر كله منافع تتراوح بين اخذ اي نقود من اي احد نظير عمل الشاي فان لم يتيسر فهي طريقة مبادرة وهجومية ولا تخيب في اتقاء الشر!!ه
بمجرد دخولك يبتدرك بأن الصباح صباح خير يا ( جميل) ، ثم يسأل ان كنت تريد شاي فاذا تحدثت عن تحضير ادوات او اجهزة كانت النصيحة فورية وقاطعة بأن عليك ان تلتقط انفاسك اولاً وتشرب الشاي ثم سوف يفعل كل ما تريده ،بالطبع يمتد هذا لساعة ونصف او ساعتين يكون اليوم خلالها قد ذهب الي حال سبيله ، وعلي هذا المنوال يسير الامر مع باقي البشر وسيصير الشاي وسيلة فالحة لكسر العين وترقيق القلب!!ه
عم (غنيم )ايضا له طريقة لا تخيب اذا ما اراد ان يأخذ شيئا من الادوات، سيبدأ اولا برفع درجة استعداد حواسه الخمس لرصد (الهدف) ثم ابعاده عن المتناول حتي تبدأ تنساه ، ثم سيبدأ في ابعاده عن العين اساساً بابعاده عن مناطق العمل والقائه باهمال مقصود في اي ركن بعيد ، ثم تأتي المرحلة الاخيرة والحاسمة بأخذ الهدف المرصود الي منطقة( الحوض) عالمه الخاص!!ه
ولن يسلم طبعا من ان يُِكلّف بتنظيف مكتب المدير، او ان يذهب لشراء سجائر او ان يذهب للاتيان بورق او الذهاب بورق في عز الحر ويضطر ان يذهب بنظره الضعيف والعرج الخفيف في رجله اليسري دون ادني اعتراض
كما ان عم (غنيم) له طريقة مُثلي في الهمة والنشاط ستراها فوراً اذا ما اتي زائر لأي منّا فساعتئذ سوف تري ال(فوطة)التي لم تراها عيناك منذ شهور يحوم بها حول الزائر ينظف من حوله ومن فوقه ومن تحته وعن يمينه وعن شماله الي ان يتم المراد من رب العباد ويفطن الي الزائر وحيثيته ويفهم السبب من الزيارة ،ولكن ارجوك اذا ما انتهت الزيارة وانصرف الزائر ووجدت كل البشر من حولك قد علموا مَن الزائر وما الغرض من زيارته فلا تلتفت الي عم (غنيم )ابدا!!ه
وتلخيصاً للموضوع أجمل القول بأن الفلسفة المتحكمة في أفعال عم(غنيم)هي فلسفة اتقاء الشر وهي التي تمثل الحافز الاساسي لكافة افعاله
من الرضا بالمجئ مبكرا والعودة متأخرا عن كل موظفي الارض
والرضوخ للأمر بالمبيت في العمل حينما يستدعي الامر
والنقل الفوري لأي خبر او معلومة يحصل عليها لأي من الموظفين مؤكدا لكل واحد منهم انه قد اختصه فقط بالسبق الصحفي!!ه
والتكلفة الجارية علي المطعومات والمشروبات بلا انقطاع
وعدم استحقاق ولو يوم واحد اجازة
اما عما بدأت به التدوين من عدم استطاعتي لتوصيف الامر فلأن كل هذا يحصل لقاء مائة وخمسون جنيها لا غير هي حصيلة مرتبه شهريا!!هً
**********
اه نسيت ان اقول ان عم (غنيم ) قدعمل لسنوات طويلة في السعودية ويملك منزلاً كاملاً يدر عليه دخلا ًوفيراً شهرياً هذا غير قطعة ارض للبناء قريبة جداً من جسر السويس بمصر الجديدة!!ه
***********
تري هل يستطيع احد ان يدلني علي الشاطئ؟