تدوين سياسي غير معهود : توصيف حيادي للساحة السياسية المصرية
*************
في الفترة بين ديسمبر 2004ومايو 2005توالت احداث عديدة وجرت مياه كثيرة تحت الجسور ، كانت ملامح كل شئ تتبدل ، وصار واضحا ان اركان الحكم في مصر قد بهتت بهذا الحدث الغريب عليها وعلي ارض العرب كلها ، وبالطبع فهي لم تألف اسلوب تأسيس مثلما تأسست به الحركة ولا تقارب شخصيات ورؤس تيارات ما كان متوقعا ان تتقارب وكذلك الابتعاد عن التنظيم الهيكلي بمناصب ومسميات تفرض فرصا للصراع ، ايضا كانت الحركة صاحبة الربح في تأسيس اسلوب احتجاج سلمي حضاري يتلافي ما تدعيه اجهزة الامن وفي نفس الوقت يظهر بمظهر مشرف امام الشعب والشعوب الاخري كاشفا عن نبل المطالب ، بل والبعد عن المصطلحات الايديولوجية الغليظة والمطالب الملتفة والاكتفاء بمطلب وحيد بسيط الصيغة : كـــفايــــة
توالت المظاهرات و تباينت اساليب التعامل معها وان ظهر ان اركان النظام بالفعل تعاني من الارتجاج وانها قد وقعت بين مطرقة المطالب الخارجية بفتح منافذ التعبير وسندان المطالب الداخلية بالتخلي عن الحكم والرحيل
وكان من اظهر المشاهد التي بينت هذا الارتجاج هي المشاهد التي جرت في شوارع وسط البلد انتهاءا بسلالم نقابة الصحفيين يوم الاستفتاء علي تعديل المادة76من الدستور في مايو2004من نزول اعضاء الحزب الوطني بانفسهم الي الشوارع لتسيير البلطجية والمسجلين وتحت رعاية وزارة الداخلية وانفلات اعصابهم وغياب عقولهم للدرجة التي ورطتهم - وقد تم تصوير كل الاحداث -في التحريض علي هتك عرض المتظاهرات وتأديب المتظاهرين بما ينفذ الي مراكز الكرامة لديهم ويحيل دون استمرارهم في ما ارتضوه لانفسهم
وبعد انتخابات البرلمان لعام2005والتي اعلن فيها عن نجاح 88نائبا من الاخوان المسلمين بان ان ( المطرقة ) الخارجية قد رفعت عن رأس النظام الحاكم بعدما نجح في ان يخيف اساطين الحكم في واشنطن من الخيار الاسلامي الذي يتلمظ للانقضاض علي الحكم ، ولم يعد هناك للحركة - وللامانة فهي لم تقصد منذ البداية - سوي الشعب
وكانت النتيجة - للأسف - ان اللحظة التاريخية لنهوض المصريين لم تتوافق مع تأسيس الحركة - علي الاقل في ما فات -ونالت الحركة وكوادرها اقصي افعال التضييق والقمع ثم المنع وبأشنع الطرق علي مرأي ومسمع من افراد الشعب قاطبة
قد يتسرع البعض باتهام الشعب المصري بالجبن والسلبية بالحكم المطلق لكن العقلاء اسرعوا الي المنبع الوحيد الذي يمنح الفهم لما هو قادم الا وهو التاريخ ، حينها لاحظوا ان المصريين من اقدم شعوب العالم وابعدهم غورا في التاريخ وان تاريخهم يمكن توصيفه بطبقات متوالية من حكومات واديان ولغات مختلفة لم يربط بينها سوي رابط واحد : سمات شعبها
الشعب الذي كان يعبد مليكه هو نفسه الشعب الذي كان يدحر الهكسوس والاشوريين
والشعب الذي خرج لملاقاة التتار في عين جالوت وردهم عن ارض العرب هو نفسه الشعب الذي يسارع بغلق حوانيته وابواب بيته اذا ما دارالقتال بين المماليك وبعضها الي ان يأتي صباح ينادي فيه ان الامر قد استتب للمملوك الفلاني
كان اول اسباب وقوف الحركة بمعزل عن الشعب ان الشعب المصري لا يتحرك كله الا استجابة للحل الجاهز ، البديل الذي يؤكد قوته بالفعل ويدخل في اختبار القوة والذكاء مع سابقه ويهزمه والمستحق حينئذ للتأييد والبذل ، ولم يكن اسلوب تأسيس ولا الاهداف التي تقصدها الحركة يسمحان بتفعيل هذا( تأمل في حدث قيام الثورة وما نالته من تأييد وتأمل ما التقطه الاديب المصري نجيب محفوظ في روائعه التوت والنبوت والحرافيش وغيرها)ه
وكان ثاني الاسباب هو زهو الحركة الشديد بأنها الوحي الاعظم لاسلوب التظاهر كأسلوب احتجاجي سلمي في مصر بما كان الهاما لكل الفئات كي تتقدم بنفس الاسلوب وتطالب بحقوقها ، وهذا وان كان تصورا صحيحا في مجمله الي ان الزمن يجعله عديم المعني لان الحركة لم تجتهد لكي تطور من اساليبها افقيا او رأسيا وبالتالي لم يكن هناك نافذة تطل بها علي الناس سوي نافذة المظاهرات وحين انقمعت المظاهرات انعزلت الحركة ( هذا بجانب ان الثقافة المصرية اساسا لا تعترف بالمظاهرات وتعتبرها تجربة لصحة الحنجرة ليس الا ! )ه
وكان ثالث الاسباب هو التشتت الشديد في نشاط الاعضاء واقصد به ان تأسيس الحركات كان متوازيا لا متراكما ، فالافراد الذين اسسوا كفاية خرج منهم البعض لتأسيس ( عمال من اجل التغيير ) وخرج فصيل اخر لتأسيس (حركة 9مارس ) ولم ينجح الاصل ولا الفروع في اجتذاب كتلة تحمي وتؤازر في المعارك التي انفتحت علي مصراعيها فظلت ايضا وحيدة
والساحة السياسية دائما ما تتمثل بجبل الثلج الذي لا يظهر منه الا قمته ، ومع هذا يمكن الاطمئنان الي كفاح الحركة المصرية من اجل التغيير ( كــفــايــــة) كفعل وطني خالص قد يكون قد ضل طريقه في النفاذ الي ضمير المصريين وان لم يخطئ ابدا حين اتخذ مرجعيته الاولي والاخيرة الشعب المصري
توالت المظاهرات و تباينت اساليب التعامل معها وان ظهر ان اركان النظام بالفعل تعاني من الارتجاج وانها قد وقعت بين مطرقة المطالب الخارجية بفتح منافذ التعبير وسندان المطالب الداخلية بالتخلي عن الحكم والرحيل
وكان من اظهر المشاهد التي بينت هذا الارتجاج هي المشاهد التي جرت في شوارع وسط البلد انتهاءا بسلالم نقابة الصحفيين يوم الاستفتاء علي تعديل المادة76من الدستور في مايو2004من نزول اعضاء الحزب الوطني بانفسهم الي الشوارع لتسيير البلطجية والمسجلين وتحت رعاية وزارة الداخلية وانفلات اعصابهم وغياب عقولهم للدرجة التي ورطتهم - وقد تم تصوير كل الاحداث -في التحريض علي هتك عرض المتظاهرات وتأديب المتظاهرين بما ينفذ الي مراكز الكرامة لديهم ويحيل دون استمرارهم في ما ارتضوه لانفسهم
وبعد انتخابات البرلمان لعام2005والتي اعلن فيها عن نجاح 88نائبا من الاخوان المسلمين بان ان ( المطرقة ) الخارجية قد رفعت عن رأس النظام الحاكم بعدما نجح في ان يخيف اساطين الحكم في واشنطن من الخيار الاسلامي الذي يتلمظ للانقضاض علي الحكم ، ولم يعد هناك للحركة - وللامانة فهي لم تقصد منذ البداية - سوي الشعب
وكانت النتيجة - للأسف - ان اللحظة التاريخية لنهوض المصريين لم تتوافق مع تأسيس الحركة - علي الاقل في ما فات -ونالت الحركة وكوادرها اقصي افعال التضييق والقمع ثم المنع وبأشنع الطرق علي مرأي ومسمع من افراد الشعب قاطبة
قد يتسرع البعض باتهام الشعب المصري بالجبن والسلبية بالحكم المطلق لكن العقلاء اسرعوا الي المنبع الوحيد الذي يمنح الفهم لما هو قادم الا وهو التاريخ ، حينها لاحظوا ان المصريين من اقدم شعوب العالم وابعدهم غورا في التاريخ وان تاريخهم يمكن توصيفه بطبقات متوالية من حكومات واديان ولغات مختلفة لم يربط بينها سوي رابط واحد : سمات شعبها
الشعب الذي كان يعبد مليكه هو نفسه الشعب الذي كان يدحر الهكسوس والاشوريين
والشعب الذي خرج لملاقاة التتار في عين جالوت وردهم عن ارض العرب هو نفسه الشعب الذي يسارع بغلق حوانيته وابواب بيته اذا ما دارالقتال بين المماليك وبعضها الي ان يأتي صباح ينادي فيه ان الامر قد استتب للمملوك الفلاني
كان اول اسباب وقوف الحركة بمعزل عن الشعب ان الشعب المصري لا يتحرك كله الا استجابة للحل الجاهز ، البديل الذي يؤكد قوته بالفعل ويدخل في اختبار القوة والذكاء مع سابقه ويهزمه والمستحق حينئذ للتأييد والبذل ، ولم يكن اسلوب تأسيس ولا الاهداف التي تقصدها الحركة يسمحان بتفعيل هذا( تأمل في حدث قيام الثورة وما نالته من تأييد وتأمل ما التقطه الاديب المصري نجيب محفوظ في روائعه التوت والنبوت والحرافيش وغيرها)ه
وكان ثاني الاسباب هو زهو الحركة الشديد بأنها الوحي الاعظم لاسلوب التظاهر كأسلوب احتجاجي سلمي في مصر بما كان الهاما لكل الفئات كي تتقدم بنفس الاسلوب وتطالب بحقوقها ، وهذا وان كان تصورا صحيحا في مجمله الي ان الزمن يجعله عديم المعني لان الحركة لم تجتهد لكي تطور من اساليبها افقيا او رأسيا وبالتالي لم يكن هناك نافذة تطل بها علي الناس سوي نافذة المظاهرات وحين انقمعت المظاهرات انعزلت الحركة ( هذا بجانب ان الثقافة المصرية اساسا لا تعترف بالمظاهرات وتعتبرها تجربة لصحة الحنجرة ليس الا ! )ه
وكان ثالث الاسباب هو التشتت الشديد في نشاط الاعضاء واقصد به ان تأسيس الحركات كان متوازيا لا متراكما ، فالافراد الذين اسسوا كفاية خرج منهم البعض لتأسيس ( عمال من اجل التغيير ) وخرج فصيل اخر لتأسيس (حركة 9مارس ) ولم ينجح الاصل ولا الفروع في اجتذاب كتلة تحمي وتؤازر في المعارك التي انفتحت علي مصراعيها فظلت ايضا وحيدة
والساحة السياسية دائما ما تتمثل بجبل الثلج الذي لا يظهر منه الا قمته ، ومع هذا يمكن الاطمئنان الي كفاح الحركة المصرية من اجل التغيير ( كــفــايــــة) كفعل وطني خالص قد يكون قد ضل طريقه في النفاذ الي ضمير المصريين وان لم يخطئ ابدا حين اتخذ مرجعيته الاولي والاخيرة الشعب المصري