الرياح الساخنة التي هبت علي غزة - والمنطقة العربية والعالم من بعدها - لم تقتصر في القاء احمالها علي غزة فقط ، الرياح الساخنة التي
تولدت من الألة الحربية الإسرائيلية لم تعصف فقط بحياة الاف الفلسطينيين ومعيشتهم ولكنها عصفت بكل ورق التوت الذي يغطي به كل منا سوأته ، كل في مكانه وكل بتفكيره وكل بإعتقاده
ورق التوت انتثر وكشف السجن الكبير الذي يعيش فيه المصريين والذين حين اجتمعوا بكافة أطيافهم وإتجاهاتهم علي عدم السكوت تجاه سفح دماء الأبرياء في غزة ، لم يصل للعالم فعلياً وأكررها مرة أخري فعلياً سوي أننا متواطئون ، نعم شاجبون منددون متعاطفون لكن لا نبغ التضحية لأجل الغير لأن ما فات يكفي وزيادة!!ه
السجن المصري أملي علي سكانه أن تكون ردود فعله منحصرة في التبرع وزيارة الجرحي ولبس الشال الفلسطيني وربطه علي مقاعد السيارات وبهذا نكون نافسنا انجولا بكل اقتدار في إنكارها للمذابح!!ه
كشف عن أفكار فريق من المصريين يرون انها ليست معركتنا وليقاتل الفلسطينيون محتليهم ويكفي ما قدمته مصر وزيادة وأظهروا تنمراً تجاه إيران لم يظهر مثيلُ له تجاه إسرائيل، وفات هؤلاء أن العدو الذي يعمل سكاكينه في أجساد الفلسطينيين يمتلك أكثر من مائتي رأس نووي رابضة في المخازن تتلمظ لكي تنقض علي رؤسنا في أي لحظة ولا يرون في الفصيل المقاوم خط أول يجب تدعيمه ولكن يرونه جماعة إسلامية يجب الخلاص منها ( فقط !ه)ه
فاتهم أن ينتبهوا الي ان كل من إيران واسرائيل هي دول تبحث عن مصلحتها ودورها فيما حولها لا أكثر ولا أقل ، ولكن فارق شاسع بين إسرائيل الخطر الحال التوسعي الإستيطاني النووي السفاح المفسد وبين إيران اللاعب السياسي الذي يمكن تحييده واقتسام المصلحة معه دون ان تكون لي عنده ارض مرتهنة او أسري يعذبون أو مخططات للعصف بالمنطقة
انتثر ورق التوت عن فصيل من المصريين إرتفعت أصواتهم مطالبين بفتح باب الجهاد في فلسطين وهم يدّعون أنهم لا يتحملون الصمت علي المذابح في الأرض المقدسة ، أولم تكن الشهامة والمروءة منهم قريبة قبلاً فلا يصمتون علي سفح دماء المصريين في القطارات والعبارات والطرق السريعة بسبب الفساد السياسي بشكل مباشر
فاتهم أن المبادئ لا تجزأ وأنهم لو ذهبوا للجهاد كما تمنّوا فسيكون ظهرهم مكشوف فهم قد تركوا ورائهم مجتمعاً مفككاً مشوهاً ليست له ارادة حتي يعبر عنها
إنتثر ورق التوت عن الجميع ، السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية - القائم بإصرار سمج علي رأس منظمة ورقية لا قيمة لها ولا دور - الذي نسي موهبته في صك التعبيرات اللاذعة حين رفضت وزيرة خارجية أمريكا ان ينضم لوزراء الخارجية العرب الذين ستقابلهم لتعطيهم التعليمات وتمسك بالإيتيكيت في مواجهة النساء!!ه ، ودار طوال أيام الأزمة بين الميكروفونات والمؤتمرات العقيمة التي كالعادة لم تتمخض الا عن الهراء
وفات السيد الأمين العام ان الإستقالة من المنصب حين العجز أشرف الف مرة من الأستمرار علي رأس حقل الجامعة العربية مثل خيال المأتة!!ه
طار ورق التوت فكشف عن أولويات النظام المصري دون مراء ،النظام المصري الذي رهن موقف اكثر من خمسة وسبعين مليون مصري وفق ما يناسب مصالحه
ودون حتي أن يري من فائدة للدفاع عن موقفه او الإستماع لوجهات نظر المعارضين والرد عليهم بالحجة والمنطق ، وأختزل دور مصر من لاعب أساسي في المنطقة الي دور خفير نظامي علي المعبر ورجل محفة!!ه
فات هؤلاء ان العقل يستبعد فكرة شن الحرب لأسباب عدة ولكن العقل لا يستبعد أبدا تخفيف الضغط عن الفلسطينيين بمداورة اسرائيل وتأليب المجتمع الدولي عليها وكشف جرائمها للعالم كله باستخدام علاقاتنا المزعومة ، ولا نقض هنالك للمعاهدة لكي لا يحزن إخواننا الحريصون علي السامية في مصر!!ه
طارت أوراق التوت وكشفت الوهم القائل بأن القادة العرب يجتمعون وينظرون ويقررون ، الرياح الساخنة أظهرت ان الأشخاص ليسوا أكثر من عرائس الماريونت ذوات الخيوط ، وعليها أن تبدي أكبر طاعة لكي تبقي علي المسرح أطول مدة ممكنة
فات هؤلاء أنهم ظهروا أمام الناس لا فرق بينهم وبين أفراد شعوبهم ، كلاهما مسلوب الإرادة لكن علي مستوي محدد!!ه