الحزب الوطني الديمقراطي - لجنة السياسات
حينما دونا قبلاً عن الحزب الوطني الديمقراطي - هنا - قلنا انه التنظيم السياسي الذي واكب توجه الرئيس السادات في تغيير( شكل ) الساحة السياسية في مصر من تنظيم سياسي واحد يضم كافة الفئات والأفكار ومنفرد بشرعية العمل السياسي الي تنظيم سياسي في شكل حزب مدعوم من السلطة - وليس الدولة - ومهيأ له أحزاب منافسة علي أن تظل تلك الأحزاب تحت السيطرة
وما الداعي الي ذلك اذا ما كان السادات بطل الحرب والسلام ويحكم بشرعية إنتصاره بل والناس نفسها لا تفكر أصلاً في موضوع عودة الأحزاب الا بشكل ضيق جداً؟
الداعي من وراء هذا كله هو نفس الداعي الذي يحرص لأجله النظام المصري الأن علي الحزب الوطني ويحاول بأقصي جهده النفخ فيه وإبقائه منتصباً امام جموع المراقبين بالداخل والخارج ، السادات اختارته مجلة تايم الأمريكية شخصية عام 1977 وصار نجماً عالميأ لا يصح ان يحكم دولة بتنظيم ( إشتراكي) وحدوي ، وكذلك النظام الحالي وهو الذي لا يستند علي اي شرعية او شعبية او حتي إنجاز مقنع يطلب الأعضاء بشتي الطرق ويجتذبهم بإمتيازات الدولة - الجيب واحد بين الحزب والدولة - علي ان يعملوا له ( مقاولين أنفار ) يجمعون الناخبين حولهم وينجحون مرشحيه وبالتالي يؤمن حكومته من الأخطار
وقبلاً كان الأمر نسبياً يحمل شيئاً من الشرف ، فقد كان الإعتماد في غالبيته لترشيح النواب والعضوية في معظمه يكون علي ( الصلات العائلية) و كبار الكفور والنجوع يشير هؤلاء علي من تحتهم من الشباب والرجال بالإتجاه و( المشي ) مع فلان مرشح الحكومة في مقابل علاقات متميزة للكبير مع كبار رجال الحكومة وخدمات تؤدي..والعاصم في هذا الإحترام للكبير ورؤيته وتنفيذ أمره ولو علي كره
وغني عن التعريف ان المسئول عن مثل هذا العمل الضخم والهام في عموم أقطار الجمهورية كانوا أشخاصاً من عينة الوزير كمال الشاذلي..فلم يكن يبالغ حين قال انه يحفظ عائلات وبطون مصر تفصيلاً في أحد حواراته ، هذا بالطبع الي جانب بعض المواهب الأخري!!ه
ومع تبدل الأحوال - وخاصة مع حلول السيد جمال مبارك عضواً في الحزب الوطني ثم أميناً للجنة جديدة سميت لجنة السياسات - تزامن هذا مع حركة تغيير واسعة ومتزايدة شملت أسس عمل الحزب بين الناس ، فقد دخل جمال مبارك الحزب ليس وحده ولكن معه طغمة من رجال الأعمال يساندونه في توجهاته الإقتصادية ومنهم تشكلت أغلبية لجنة السياسات - والتي صارت مسؤليتها هي مراجعة قرارات الحزب كافة وتحديد السياسات التي ينبغي لحكومة الحزب ان تسير عليها خلال عملها...وهكذا صارت فوق الحزب والحكومة معا..وصار جمال مبارك فوق الكل
هذا داخل الحزب ، أما عن التعامل بين الحزب والناس فقد تأكلت قطعة الشرف الباقية لأن العصبية القبلية او العائلية لم تزل موجودة ولكن إحترام الكبار أنفسهم لم يعد موجوداً ، لما وجده الشباب لدي هؤلاء الكبار من تهالك علي المصالح والمال والنفوذ والإستئثار بكل هذا ليحافظوا علي مسافة كبيرة بينهم وبين من تحتهم فتسبب هذا في خروج الكثيرين من تحت عباءة الكبار والبحث عن مصالحهم الخاصة مع من يماثلهم سناً وتاريخاً في العمل السياسي ( وهذا كلام بشئ من التأمل يصدق علي أغلب مناطق الجمهورية لمن يحب التأكد )ه
وقد اختلف الجيل الجديد- او الفكر الجديد - عن الجيل القديم في نهجه في إغراء الناس بتأييد الحزب الوطني فبينما اعتمد المخضرمين قديماً علي المصالح والخدمات والعلاقات فقد انتهج الجدد النهج الوحيد الذي يفهمون ويبشرون به : المال ، عليك ان تبذل الكثير من مالك للحزب اذا ما اردت القرب والرضا وتسيير أعمالك ، والمال يدور ويتجه الي مرتزقة يحشدون الناس بأكياس لحم ووجبات غداء وما الي ذلك
كانت احدي أماني ان يكون الحزب الوطني الديمقراطي مثالاً للحزب العملاق الذي يعطي مثالاً للأحزاب الأخري في كيفية العمل بين الناس وكسبهم الي صفوفه عن اقتناع وتوجيه أعداده الغفيرة في صالح المواطنين من أعضائه وغير أعضائه ، كنت أتمني لو دعا الناس الي النزول بأرض السياسة وممارستها بنظافة وحرفية وحماس مشاركين في صنع مستقبلهم فهو يملك القدرة علي فعل هذا ولكن للأسف ، قد صار هذا بعيداً وتحول الحزب الحاكم الي مسخ يستر مسخاً أفظع منه
أخيراً - واعتبروه خبراً - فإني أحب أن اعلمكم ان لجنة السياسات داومت خلال الفترة السابقة علي التقاط اللامعين من الأكاديميين والباحثين والخبرات في مختلف النواحي وضمهم الي اللجنة ليكونوا علي صدر أمينها ، وأحيطكم علماً انه جاري التوسع في مثل هذا الإتجاه واستهداف الأجيال الشابة من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمؤسسات وتوثيق صلتهم بالأمانة وأمينها الصاعد بقوة بما يعتبر توثيق خطوات مطردة نحو الإحاطة بكافة مؤسسات الدولة