Dec 2, 2007

اليمين-الليبراليين-الوفد






تدوين سياسي غير معهود :توصيف حيادي للساحة السياسية المصرية
***********

الليبرالية باختصار شديد هي نظرية تعتني بالفرد وتقدس حقه في الحياة كما يشاء لا كما يفرض عليه وايضا تقدس حقه المطلق في الاختيار وفي العلاقة بين الليبرالية والدين او بينها وبين الاخلاق فان الليبرالية لا تهتم بسلوك الفرد مهما كان طالما انه لم يخرج عن دائرته الخاصة من الحقوق والحريات ولكن لها يد من حديد تضرب بها من خرج عن هذا الاطار واعتدي بسلوكه علي حريات الاخرين

وبالنسبة لحزب الوفد -معقل الليبرالية المفترض في مصر-فيعود تأسيسه الي احداث ثورة 1919والتي قامت بسبب احتجاز البريطانيين لسعد باشا والوفد المرافق والذي كان سيتكلم باسم مصر طلبا للاستقلال ومن هنا جاء اسم الحزب


وبالطبع فان الليبرالية كانت ما اشبه بطوق النجاة للمجتمع المصري المحتلة ارضه والمشلول برلمانه والمقيد دستوره والغائب حكمه الشرعي مما ادي الي ان الوفد اصبح حزب الشعب دون مبالغة


وبعد وفاة سعد باشا تولي النحاس باشا زعامة الحزب قامة وطنية دون اي شك وان كانت بالطبع لا تطاول قامة سعد باشاواختصارا نقول ان الوفد الذي توفي عنه سعد باشا لم يكن هو نفس الوفد الذي شهد ثورة يوليو وليس هو الوفد الذي اعيد تأسيسه في اوائل الثمانينات بزعامة السيد فؤاد سراج الدين احد قامات الحزب القديم واحد قاداته المخضرمين


وبعد وفاة سراج الدين تولي رئاسة الحزب الاكاديمي د/ نعمان جمعة ثم ومن بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة حدث شبه تمرد داخل الحزب تبعته معركة ساخنة في قلب المقر بين مجموعة د/نعمان والمنشقين بزعامة السيد محمود اباظة واذا بالسجن يدعو د/نعمان ويتولي السيد محمود اباظة رئاسة الحزب


حمل التيار الليبرالي علي عاتقه تدعيم دولة المؤسسات التي (تطحن) في بعضها البعض ويراقب احدها الاخر لكي تحقق للفرد الفائدة العظمي ولكن الصورة بالطبع ليست بهذه الوردية والا كانت طريقة حكم اهل الارض جميعا


فمن اكثر السيناريوهات شيوعا عن الليبراليين انهم ولدي استيلائهم علي الحكم فان السلطة -عبر مجموعة من التربيطات والصفقات والتهديدات ايضا- تذهب في مجملها الي جناح معين في هذا الحزب ثم الي مجموعة معينة في هذا الجناح وذلك بالطبع بعد توفيق احوالهم مع المؤسسات الاخري وبذلك يصبح الطريق مفتوحا لتسخير سياسات الدولة واتجاهاتها لخدمة مصالحهم وتضخيم ثرواتهم وثروات اصدقائهم ومعارفهم وبالذات هؤلاء الذين ساندوهم في حملاتهم الانتخابية( واظهر مثال علي لوي المبادئ الليبرالية لتحقيق الاغراض هو ما حدث في الولايات المتحدة الامريكية)ه


وبالطبع لابد ان نعرف ان النداء بالحرية المطلقة هذه لا تتوقف علي حرية الفرد فقط بل تمتد الي مستويات اعلي من ذلك وايضا ادني من ذلك....... ه


واقصد باعلي من ذلك حرية التوجه لدي الدولة فهي لن تكون - في حالة مصر مثلا - ملزمة بقوميتها العربية او عقدها الاسلامي او حتي وجودها بوابة للقارة الافريقية ولكن تيارا ليبراليا سوف يري الالتحاق بالقطار الامريكي واخر سوف يشجع الفرانكفونية وذلك ليس شبهة خيانة ولكن عن اقتناع من هؤلاء ان هذا هو السبيل الوحيد للحاق بهذه المجتمعات في اقل وقت ممكن وساعتئذ ستكون اشياء من مثل روابط الدين واللغة والتراث الثقافي والوعي الجمعي بيننا وبين المجتمع العربي خطوطا واهية امام الافكار المعلبة والتكنولوجيا الخلابة والواقع البراق لهذه المجتمعات

وكنت اقصد ان الحرية قد تمتد الي ما هو ادني من مثل (ضمير الفرد)ه

فمهما كان موقعه او مسئولياته فان الليبرالية قد تمتد الي ضمير الفرد فاتحة امامه مساحات شاسعة من الشرعية لم تكن متاحة قبلا وان كنتم تحبون الامثلة التوضيحية فتعالوا نستمع الي تصريح د/نعمان جمعة بعد الانتخابات الرئاسية حين قال :ان المسؤلين الذين زينوا له دخول الانتخابات -بما يعني هذا من اضفاء الشرعية علي منافسة باطلة من الاساس- ووعدوه بالدعم وتذليل العقبات كل هؤلاء -والكلام لد/نعمان- اغلقوا هواتفهم وامتنعوا عن الحديث اليه بمجرد ان سجل اسمه في كشوف المرشحين


اذن فان د/نعمان اتفق مع اساطين النظام الحاكم ورتب معهم في الوقت الذي كانوا يلفقون القضايا لايمن نور ويعتقلون رموز حركة كفاية ويعتدون علي الصحفيات يوم الاستفتاء وهؤلاء المفترض انهم زملاء خندق واحد الا اذا كان د/نعمان كان يعتبر الوفد احد فروع الحزب الوطني!!!ه


هذا باختصار ما اسميه نموذجا للتمدد السرطاني للليبرالية في عقول كهنتها


ولنا ان ناخذ مثلا اخر وهو الرئيس الحالي للحزب السيد محمود اباظة والذي يعتبر هو والسيد منير فخري عبد النور من رجال الاعمال البارزين في مصر ويمكن ان نعتبرهم (بارونات) الوفد وبالطبع فان اعمال اباظة وعبد النور لا تتركان فرصة للاختيار والا تعثرت مثل كثيرين اخرين....... وهكذا ترون اباظة رئيسا للحزب الليبرالي الاكبر في مصر يوافق-حتي لا يكتفي بالسكوت- بلا تردد علي التعديلات الدستورية الاخيرة في مصر علي الرغم من انها -باجماع كافة الاطياف- تمثل العدوان الاعظم علي حرية الفرد في السنوات الاخيرة

اما السيد منير فخري عبد النور فله واقعة طريفة أصر علي سردها........ ففي ربيع عام 2005كانت احدي محررات الدستور انذاك -واظنها الاستاذة اميرة جاد ولي الشرف ان تصحح لي ما لا تسعفني به الذاكرة- تقوم باستطلاع راي السياسيين لحدث كبير وقتها الاستفتاء وما حدث يومها او الحكم ببطلان الاستفتاء والاستاذة اميرة ستصحح بالتاكيد- فاتصلت بالسيد منير فخري عبد النور بمكتبه وحسب روايتها في ذاك العدد فان السيد عبد النور كانت له ردة فعل غير طبيعية حين علم انها من جريدة الدستور وكانت الطامة الكبري حين علم انهم يتحدثون اليه من تليفون الجريدة واغلق الخط!!!!!ه


هذه بعض النماذج من الليبرالية الممتدة الي كل شئ


وعلي المستوي التنظيمي فان الوفد اكثر الاحزاب المصرية قربا لشكل الحزب السياسي ....مقرات جيدة .....وديعة ليست بالهينة وبالملايين .....برنامج معقول...... جريدة قوية وذات توزيع جيد جدا ......قوة جذبه للشخصيات الاكاديمية والاقتصادية جيدة جدا...... مقاعد نيابية...الخ

وللاسف فان الحزب لم يرني وجها مضيئا واحدا سوي وجه النائب محمد عبد العليم داود المعارض الشريف ونائب الشعب النبيل علي ندرتهم في هذا الزمان



بقي ان نقول ان د / نعمان جمعة قد تم تبرئته مما دخل السجن لاجله (!) وبعد خروجه اصبح يلعب دور شبح القلعة بالنسبة لقيادات الحزب ويدفعها الي مزيد ومزيد من (الليبرالية) في سلوكها!!!ه

No comments: