واليوم دعونا ننحي جانبا الطابع الذي يبرع فيه البشر برسم الصور لذواتهم وأمام ذواتهم ولنقترب سويا من تفاصيل الصورة وندقق في الملامح لنستبين الحقيقة
اليوم احكي لكم عن الخطيئة ، تلك التي ارتكبتها في يوم وما زلت أندم علي اقترافها حتي اليوم
انتم الان ترونني في الربع الاخير من عام2001وقد اتفقت مع (محمد) علي ان نسكن في المدينة الجامعية سويا وفي حجرة واحدة ، (محمد) عرفته في العام الذي سبق وبان لدينا قبل الناس التجاذب بيننا والتفاهم والتناسق في الافكار والاولويات وهذا أفضي الي انعقاد نيتنا في العام التالي علي ان نكون سويا معظم الوقت اذا لم يكن في الكلية -وهو في نفس الكلية لكن في قسم اخر - سيكون في المدينة الجامعية
سكنا سويا في المدينة ، كنا نأكل معا وننظم مواعيد راحتنا كي تكون معا ، لا فارق بيني وبينه في واجبات السكن ، هو موجود كأني انا موجود وزيادة والعكس كان ايضا صحيحا ،خروجنا للفسح كان معا ووصل استمتاعنا بالحياة الي مدي لا أظن ان اينا بلغه من قبل
ظل الحال هكذا الي ان اقتربت امتحانات التيرم الاول وأصررت علي خلاف عادتي ان ابقي في المدينة لكي استذكر ما لم ابلغه بعد واراجع ما بلغته ووصل الامر الي يوم الخميس -قبل الامتحان بيومين -وانا اشعر بعدم الانجاز وما زال امامي الكثير ،وكعادتنا شكوت له ورجوته ان يوفر لنا جوا يمكن ان انجز فيه خصوصا وانه قد عاد من امتحانه هادئ البال
كان البرد ينخر العظام والسماء لم تكف عن ارسال المطر لساعات طوال حين استقبل هو زائره الاول، بعد وقت لم أتحمل فأشرت اليه من طرف خفي ان ينفذ ما اتفقنا عليه ، لكن لم ار منه استجابة تذكر وخصوصا بعد ان استقبل زائره الثاني!!ه
بعد ساعة او يزيد لم أعد اتحمل فقمت أجهز حقيبتي امامهم وارتديت ملابسي فسألني الي اين اذهب في هذا الجو فرددت بأني لا استطيع الاستذكار في مثل هذا الحال وانني سأعود للبلد أذاكر هناك!!ه
وعلي الرغم من البرد القارص الذي كان يجمد الدماء والمطر الذي يغرق الاراضي الشاسعة الا اني كانت النار داخلي تكفي لأذابة القطب الشمالي بل وتبخيره ،عدت للبيت لليلة واحدة لا أظن اني لولاها كنت سأنجح في هذه المادة
ظننت في نفسي ان الموضوع انتهي الي ان كان وقت الخطيئة بالفعل ، كنا اتفقنا علي الذهاب لرحلة الاقصر في اجازة نصف العام ومعا اخذنا نخطط لليالي هناك ووعدته اني سوف اريه ما لم يراه من قبل - خصوصا واني قد ذهبت قبلا - ويشاء العلي القدير ان يتوفي والده قبل ثلاثة ايام من انتهاء الامتحانات واربعة قبل الرحلة
انتظرت حتي انتهت الامتحانات وصباح يوم الرحلة ذهبت لتعزيته في بيته وأخبرته ان حزني علي والده - وهذا كان حقيقي - بالطبع ينزع من رأسي فكرة الرحلة كلية وانني لا أتصور ان اذهب للاقصر الان من دونه ، كنت أقول هذا وانا قد جهزت حقيبتي في المنزل بالفعل وسأعود لأوافي مشرف الرحلة في محطة مصر!!ه
بالفعل سافرت وطوال الطريق كان ما يسكن رأسي هو المطر الذي اغرق ملابسي ليلة الامتحان وتعجب أمي من وصولي
المفاجئ والجهد في السفر لأجل ليلة واحدة استذكر فيها
عدت لأري حجم ما فعلت في عينيه ، كانت الشفاه مبتسمة تشكرني علي الهدايا وترفع اي حرج من علي قرار السفر
لكن ما كان في القلب قد وقر في العيون والود الذي انسال من الشفاه لم تستطع العيون ان تكون له مأوي
ومن يومها لم استطع ابدا نسيان نظرات العتاب واللوم الصامتة في عينيه ولم يفارقني الندم علي اني نحيت الاخلاق والدين والعرف جانبا و رددت علي الاساءة بالاساءة
رددت الصاع صاعين ولكن خسرت نفسي
وتلك كانت الخطيئة