Mar 20, 2009

عن الربيع والطريق والعجل الخ الخ ...!!ه


لا أخفيكم سراً أيها الأصدقاء ان هذه الأيام من كل عام تستطيع بذاتها - ودون حدوث اي أحداث سعيدة - ان تعلو بروحي لتسبح مع السحاب الهائم
لا أستطيع السيطرة علي أحلامي اذا ما تفلتت من عقلي ودارت في الأرجاء لمجرد من ان الهواء قد حمل عبق الزهور المتفتحة وشذي الثمار اليانعة وصار الكون كله يغدق علي بالعطر والمحبة

انه الربيع الذي لم أولد فيه ولكني لا أعتبر ان عاما قد مضي عليّ واني أستقبل عاماً جديداً سوي في أيامه

وقد كان الخميس الماضي فرصة طيبة لنيل ما تمنيته طوال الأسبوع بأن تستنيم عيناي في أحضان اللون الأخضر الساحر وأترك عبق الزهر يجلي ما احتمله الصدر من عادم ودخان

ذهبت لموقف الأقاليم بعبود متوكلاً علي الله وثقتي برجال الضفادع
البشرية ، أأ عفواً ،لأركب الميكروباص الي بلادي الأثيرة ، وبالطبع لم يفاجئني المنظر كثيراً ان لم أقل أني متوقعه !!ه ، انت تتحدث عن يوم الخميس يا محترم وهذا يعني ان كل السيارات تجاهد لحمل الطوفان البشري الذي يعمل في القاهرة ويريد ان يقضي إجازة أخر الأسبوع مع أسرته في البلاد الأثيرة!!ه
وبالطبع ولأن الطوفان يسري في إتجاه واحد فقط فقد خلا الموقف من السيارات - التي هي من المؤكد انها قد حطت في الجهة الأخري لا تجد ركاباً ولكن ما باليد شخليلة!!ه -الا من سيارة قد تدخل بين الحين والأخر فقط لتختبر عزيمتك وصدق ارادتك في العودة لبيتك ولو كان الثمن كسر ذراع او ( فتح قرن ) لقاء التزاحم حول السيارة الموعودة!!ه

بالطبع ولأنني قد أصررت علي التمسك بروح الربيع - وهي تقرب
لروح اكتوبر من بعيد - فقد استمسكت بالابتسامة علي وجهي ممنياً نفسي بأنه في ظرف ساعة كحد أقصي ستكون عيناي تحتضنان اللون الأخضر الأثير ويملأ أنفي عبق الزهر!!ه

في بعض الأحيان كانت الابتسامة تتحول الي ضحكة ( ملعلعة ) اثناء مراقبتي لأحداث مسلسل الحركة الكوميدي الذي يجري أمامي ولكن الملل بدأ يتسرب اليّ لأن الحلقة معادة وتتكرر معي منذ ما يزيد علي السنوات الأربع ، لاحظت أيضا ان بني وطني - أقصد أهل بلادي الأثيرة - قد تحلّقوا حول سيارة قد توقفت بمحرك دائر وان كانت موصدة الأبواب ، سألت أقرب بني وطني اليّ ولكن (روح الربيع) الظاهر لم تكن قد بلغته بعد لأنه بصق أولاً - وهي كانت إجابة بليغة جداً عن سؤالي عن السائق ثم ضربني سيل جارف من السباب الذي خاض في سلوك أمهات المسئولين - مشيها المسؤلين عن الموقف !!ه - بأشياء غير طريفة مطلقاً قبل ان ينصحني بالبحث عن السائق لأنه وقد أوصد سيارته فانه يفكر جدياً الأن في قتله لتزجية الوقت!!ه

استمسكت ب(روح الربيع) ممنياً نفسي بأنه في ظرف ساعة الخ الخ! ويممت وجهي شطر المقهي القريب لأني قد عرفت السائق من سيارته وبالفعل لم يخب ظني فوجدته جالساً مستمسكاً هو الأخر فيما يبدو ب(روح الربيع) ومستغرقاً في شرب الشاي بكل حبور!!ه

تأملته بهدوء عن بعد مانحاً إياه حقه في امتلاك لحظات الحديث مع النفس ومفكراً في مدخل للحديث ، ومع أخر رشفة أقرأته السلام وصافحته ليعلم أنني من أهل البلاد الأثيرة ثم سألته عن ما اذا كان سيبيت ليلته هنا أم سيغادر لأن الركاب يتعجلونه فوجدته قد جلس بعدما كان متهيئاً للمغادرة وقال أنه لن يغادر الأن!!ه
دعوا أي شخص أخر يتعجب فأنا قد خبرت هذه الأعراض التي تظهر بين السائق والراكب خصوصاً في مثل هذه الأيام ، لذا فقد أبرزت كل ما لديّ من أثار (روح الربيع)( ! ) وتحدثت بلطف عن الناس المتعبة وأولادهم الذين ينتظرونهم الخ الخ الي أن بان الرضوخ علي وجهه وظهرت سنته الأمامية الوحيدة - سفلية - وهو يقول أن الأجرة عشرة جنيهات صحيحة !!ه

وصلنا للسيارة وتكأكأ الناس علي الباب بما جعلني أرسب في إختبار الإرادة ولكني فوجئت به يشدني للباب الأمامي وأن مقعدي سيكون بجانبه ، سلمت أمري لله وتشبثت أكثر ب(روح الربيع) ممنياً نفسي بأني بعد دقائق سوف تستنيم عيناي في أحضان اللون الأخضر و الخ الخ

خرجت السيارة من مخنق شبرا واستعددت لملامسة الأماني فطلبت من الجالس عن يميني أن يفتح النافذة واعددت عينيّ وأنفي وشحذت (روح الربيع) بداخلي وإذا بيد تهبط علي فخذي ( مرحبة فيما قصد!! ) والسائق يقول لي

والله زمان يا باشمهندس

كان حرف السين الأخير قريناً بدفقة رذاذ محترمة وبالطبع تفهمت دوافعه خصوصاً وأن مرض السكر قد قضي علي معظم أسنانه وإن حرصت علي تفادي هذا في المستقبل فرددت عليه

مهندس ايه يا عم عزوز ، هو انا غريب عنك ولا ايه خليها فلان بس

يا سيدي الناس مقامات برضه

لا لا هذا كثير ، مرتين في رد واحد!!ه ، اضطررت الي مسح وجهي بحركة ظاهرة لكي يلتفت ( لكلامه )فاذا به يواصل الحديث

بقي انت بقي شايف ان الناس دي تعبانه وعاوزة تروح بيوتها
ايه مش باين عليهم ولا ايه؟!!ه

لا باين يا باشمهندس

كانت هذه المرة مترعة بالخير فلم أملك الا الإرتداد بوجهي فجأة كمن صدمه شاكوش ومسحت وجهي مرة أخري وقد بدأت روح الربيع في التسرب وانا أقول له بشئ من الحدة

ياعم باشمهندس ايه انا اسمي فلاااااان

لم يلتفت لردي وهو يقول

طيب واحنا مفيش حد بيفكر فينا ليه؟
ليه الزبون ( رذاذ ! )مش بياخد باله ان فيه سواق ( رذاذ ! ) الا لما يكون هيروح في حته فيتزنقله ( شرحه! )الناس ( شرحه!!ه) اللي انت بتقول عليهم دول بيبقوا فين لما الكونستابل ( ما تقول الأمين وخلاص !) بيمسك الدفتر ويتسلي ( زهقت! ) علي العربيات الميكروباص (غرقت ) واحدة ورا التانية
الناس دي بقي كانت فين لما الترخيص والتأمين والضرايب اللي بندفعها كل سنة زادوا ضعفين وتلاته
والناس دي بقي فين ان شاء الله لما فردة الكاوتش بقت بتمنميت جنيه بعد ما كانت بتلتمية والبطاريات اللي بقت جافة تشتغل سنتين وتترمي وتشتري واحدة جديدة
كل واحد عاوز يركب وينجضع وخلاص وفاكر ان العربية ماشية بالمية ، ايه رأيك اني بايت في عبود من امبارح ولو طلت ما اروحشي مش هاروح ، الفلوس اللي قعدت عشر ايام أحوش فيهم لدروس الواد اللي في الثانوية اندفعوا عشان الرخصة متتسحبشي ، فكرك يعني الركاب اللي كانوا معايا ساعتها قالوا ايه؟

قلت وانا أجفف في وجهي

ايه؟!ه
قال

ولا حد فيهم فتح بقه بكلمة ولو حتي طبطبة بالكدب ، زي ما يكونوا مبسوطين من اللي بيعملوه فينا ، وتقوللي حرام ، حرام ايه يا باشمهندس

كانت دفعة الرذاذ الأخيرة قد حملت كل مشاعره الفياضة فلم أملك الا ان أخرج المنديل الأخير في العلبة وأزيح به أخر أثار المعركة وانا أختلس النظر في المرأة الي الركاب في الخلف ، وهم بين نائم ومثرثر وهائم

مال من عن يميني عليّ وهمس وهو يعطيني الأجرة

ما تتعبشي نفسك ، لسه شوية!!ه

17 comments:

عمرو (مواطن مصرى)0 said...
This comment has been removed by the author.
عمرو (مواطن مصرى)0 said...
This comment has been removed by the author.
عمرو (مواطن مصرى)0 said...

حلوة ياباشمهندس :D

"اطمئن السين الأخيرة يختفى فيها لسانى خلف اللثة لدى فلا تخافنى"

انتزعت منى ابتسامات متتالية يا عزيزى وعدد من الضحكات الصافية0

وبخصوص الربيع , لا أتذكر أين قرأت بشأنه الجملة الآتية (سامح الله صلاح جاهين هو الذى أقنع المصريون أن الدنيا ربيع و الجو بديع وقفلِّى على كل المواضيع فى حين أن ربيع بلادنا تسوده الأتربة والغبار والرمال المحمولة عبر الرياح ربما أكثر من باقى العام,)0

وهو جو لو تعلمون عصيب, وربما لو وضعت هذا فى حسبانك لجعلت من تلبستك روح الشتاء فهى أكثر صفاء من ربيع يأتى برياح شرقية وغربية!0
وقد كنت أتمنى أن انصحك بروح الخريف وهو أصفى أيام العام "دعك من اسمه الموحى بالاكتئاب, ولكنه فصل رومانسى رائع" _ أقول كنت أتمنى أن أنصحك بروح أيام الخريف ولكن ياعزيزى أفسدت شهوره سحابة قش الأرز السوداء!0
فمناخ مصر أصبح حار جاف صيفا.. حار ولعة شتاءَ..
"مناخ صحراوى يناسب الأفكار الصحراوية.فلقد أتيا متزامنان"

ولا عزاء للنسمات...

تدوينة رائعة خفيفة الدم,تخفى جدية الواقع المعاش ومشاكله وتضاربات مصالح أفراده,ومشاكل البيروقراطية والدروس الخصوصية والغلاء وغيره, خلف روح الكوميديا الظاهرة فيها, ولا تخلو من عرض لشرائح تحمل آلامها وصعاب معايشها, رغم أننا ننظر لهم باعتبارهم موظفين فى هيئة إفساد الذوق العام "فئة سائقى الميكروباس"..0
.........................
بالنسبة لتعليقك الخاص بتدوينتى السابقة لم يصلنى ...0

غاية مودتى وتقديرى

alzaher said...

التفاؤل مطلوب
ولكن تفاؤلك بالربيع هنا هو في غير موضعه
فهو في مصر ليس شهر الجو البديع
وانما موسم الزعابيب والخماسين
:)

mohra said...

و بعدين؟استمتعت بالربيع و لا لأ؟؟؟؟؟؟
تدوينه جميله و دمها خفيف ....و زى ما انت عارف "كل الناس غلابه" على رأى امى

تايه في وسط البلد said...

اهلا عمرو

انا لا اعرف من الذي أوحي الي عم عزوز انني باشمهندس من الاساس ولكنه فيما يبدو يتصنع الاريحية!!ه

وبالنسبة لموضوع الربيع فلا علاقة له بصلاح جاهين علي الاطلاق صدقني وانا قد التفت ايضا ال موضوع الخماسين هذا منذ الصف الخامس الابتدائي ومنذ وقوفي في الخدمة العسكرية!!!!ه

ان الموضوع فوق كل دروس الجغرافيا وما يفرضه الواقع..لكل فصل مذاقه الخاص ولكن الربيع لديّ يعني انزياح البرد والملابس الثقيلة واقتراب اجازة اخر العام فيما مضي والمصيف و..و..ه

الربيع يعني تحول كل الأشجار التي لا تدري السبب في زراعتها الي كساء زهري ساحر وتشبع الهواء بعبق الورود والثمر الناضج

كل التحية

الزاهر

حسنا
سأؤجل التفاؤل الي الشتاء!!!!ه
ههههههههه


مهرة
السفرية انقلبت الي محزنة

زي ما يكون الهم متعاقد معانا!!ه

بصرة

هذا هو رأي والدتي ايضا لذا فانها احسن زبونة للباعة الجائلين علي المكاتب فهي لا ترد منهم احدا حتي لو عادت بالحاجيات لترميها فوق الدولاب!!!ه

كل التحية

هيثم مكارم said...

التدوينة جميلة جداً أحييك عليها، استمتعتُ كثيراً بروحك الساخرة وسردك المتميز.

بوجهٍ عام ، المدونة متميزة للغاية ، أسلوبٌ شيق وكلماتٌ منتقاة ، وموضوعاتٌ تنم عن ثقافةِ عارضِها واتساعِ أفقِه.

يشرفني يا أخي أني ضيفٌ هنا ، فتقبل مروري وتحياتي.

زمرده said...

ههههههههههه
اهم شى روح الربيع .. قاوم للنهايه


ابدعت

mostafa rayan said...

برغم كل شيئ إلا ان الراجل كلامه صح قوي
وعلى رأي والدة مهرة كل الناس تعبانة يا باشمهندس
هههههههه
تحياني ليك

Hosam Yahia حسام يحيى said...

جميله بجد

احييك :)

تايه في وسط البلد said...

هيثم مكارم

مرور اول منير

اذني الان تصفر من كل هذا الكلام الرائع الذي اتمني لو احوز نصفه

وانت من لحظة مرورك صرت صاحب مدونة وليس ضيفا

دمت بكل الخير



زمردة

طبعا أمال ايه!!ه
ده احنا جامدين قوي!!ه

سلمتي من كل سوء


درشاوي علي طول
هو انا فتحت بقي أولاني ولا تاني؟!!ه
مش كفاية المطرة اللي كانت عليّ انا لوحدي دي!!ه

ههههه

نورتني يا مبدع


حسام يحي

ربنا يكفيك شر المتداري يا شيخ!!ه

ودمت بالف خير

الدرعمي said...

السلام عليكم .. والله يا بشمهندس أنا مريت هنا كتير بس مرضيتش أعلق إلا لما أقرا كويس .. بصراحة فرحان فيك عشان ده ذنبي وربك رب قلوب وهو العالم قد إيه كان نفسي أقابلك بس أهو نصيب بس بجد فيه جانب جميل أول مرة ألحظه إنك بتكتب كوميديا نقية جدا خالية من الاستظراف بعيدة عن محاولة الإضحاك نابعة من القلب إلى جانب إن لغتك السردية تطورت بشكل واضح وملحوووظ .. أدعوك للاستمتاع بروح الربيع دون رذاذ أو بشمهندس في وسط البلد في شم النسيم ما رأيك ؟ إن وافقت كلم مصطفى ريان @ وكل ربيع وأنت بخير @ على فكرة صعبان علي أوي عم عزوز ده

تايه في وسط البلد said...

اهلا درعمييييييييي

يا راجل ده انا زعلت اكتر منك لكن الظروف ان شاء الله احسن

انا حاسس بعرفان جامد عشان انت متابع كلامي من زمان واتمن اكون عند حسن ظنك بي

انا حابب اقابلك في شم النسيم او قبله او بعده مش فارق كتير

دمت بكل الخير صديقي العزيز

r said...

روح الربيع
التعبير دا جميل جدا
الطريق للاقاليم والريف خاصه يعرف روعته من جربه
وهو طريقى اليومى فى شغلى
اللون الاخضر حتى بدون ربيع وفى عز الشتا
شئ يشرح النفس ويوسع خياللك
للطبيعه والتفكير الصافى
اللى دايما بيعكره امثال هذا السائق
بس تعرف
كلامه كله صح وعنده حق فيه
الناس او الركاب بيخافوا جدا

نصيحه واحده بتركب مواصلات كل يوم
ابقى اركب ورا السواق علشان ترتاح
او فى الكابينه بس جنب الشباك
وخليك باصص على الشباك طول الطريق

دمت بخير

تايه في وسط البلد said...

اهلا بسنت

ورا السواق هو مكاني المفضل بالفعل لكن لم اتحصل عليه للأسف يومها

يا سلام بقي يا بسنت لو تشوفي انا كنت مجهز نفسي لايه لما ابتدت الملحمة دي

كل جناين الموالح والمشمش والخوخ في مدينة قها - الجناين هناك كثيرة جدا والمدينة تشتهر بصناعة المربي المعلبة - قد فاحت رائحة الزهور التي تفتحت داخلها بصورة تدعو للعجب فيملأ الرحيق أنفك لما لا يقل عن الساعة مثلا

وبالطبع فلم أتحصل من هذا كله سوي علي رشاش الافاقة الذي سلط عليّ!!ه

دمتي بالف خير

rona ali said...

ههههههههههههههههههههههه

جامدة يا بشسمهندز ههههههههههههه

عجبتنى اوى روح الربيع

بوست جميل حقآ :)

aya mohamed said...

عجبتنى جدا روح الربيع
اللى قلبت مطر ف الاخر دى ههههههههه
بس بجد مشكلة المواصلات دى متأصلة ف الشعب المصر فى اى مكان يوم الخميس
واللى ناوى يسافر يوم الخميس يبقى رايح ينتحر نفس المأساه كانت بتحصل معايا
وكنا نبقى مخنوقين جدا من الولاد اللى نسوا كل قواعد الاتيكيت ومش بيخلونا نركب احنا الاول هههههه بس لما بفتكر دلوقتى بحس ان دى كانت مغامرات لذيذة
ومقالب الذ كنا بنعملها علشان نركب
وان كانت ف وقتها كانت اسوء حاجة ف الدنيا
بوست واقعى وجميل :)