Oct 13, 2010

أيــــام عصـــيبة ( الجزء الرابع ) ه


حـــزب الـــوفـــد : الكـــوبـــــري!ه


قبلاً دونت عن حزب الوفد كسرد مبسط عن الحزب ومكانته في مصر ، حينها تحدثت عن ان الوفد هو الحزب الوحيد في الوقت الحالي الذي يحمل سمت الحزب القادر علي القبض علي مقود السلطة بخبرة وقدرة بعض أعضائه وكذا بتاريخه الحافل ومكانته لدي المصريين

وحينها ايضا تحدثت عن ان الوفد يجب ان يتمسك بالنزعة الليبرالية في  مواضع إبداء الأراء وتداول المناصب وان يتخلي عن نفس  النزعة في مواضع موافقة القول للفعل والتعامل مع السلطة الحاكمة لكي يكون نموذجاً يقتدي به المصريون داخل الأحزاب الأخري وخارجها

واليوم وبعد مرور قرابة الأعوام الثلاثة علي تدويني السابق عن الوفد أجد ان الأمور لم تتجه  - وتماشياً مع الجو العام - الا للأسوأ وانحدرت الهامات أكثر فأكثر ، وبالنسبة لحزب الوفد فقد ظل الحال كما هو الي ان أذاع الدكتور البرادعي نيته الترشح لرئاسة الجمهورية بعد ما انهي رئاسته لوكالة الطاقة الذرية
البرادعي مصر علي ان نظام الحكم استبدادي ومسيطر علي كافة مجريات العملية السياسية - ان وجدت - ولا يعترف بمواد الدستور التي تنظم عملية انتخاب رئيس الجمهورية ولا يرغب أصلاً في الإنضمام الي اي من الأحزاب الموجودة لسابق أفعالها ولأن الأمر ساعتئذ يعتبر محسوم وهزلي

قدوم الدكتور البرادعي من خارج الساحة وبثقل شخصي وفكري ونظافة صفحته جعل الأمر اشبه بصدمة كهربائية سمرت الكل ، حتي الاحزاب الثلاثة ( الوفد - التجمع - الناصري) صارت ملكية اكثر من الملك نفسه ، وبدلاً من ان تغطي نضالها المزعوم من اجل الديمقراطية بالترحيب بمبادرة البرادعي او حتي الترحيب بمناقشته - علي الأقل -  او حتي عدم معارضته تناست كل ما يطالب به وتذكرت فقط انه لا يعترف بهم كأحزاب حرة - ! - وانه رفض الانضمام الي اي منهم !!!ه

تسارعت الخطوات وقدم البرادعي وزاره من زاره واجتمع عليه من اجتمع وتقرر تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير ككيان شامل ذابت فيه الأطياف الحرة ويطالب بمطالب تفتح مسام البلاد لكي تتنفس بعد اختناق ، انضوي تحت لواء الجمعية من المثقفين والسياسيين والفنانين حتي صار الأمر لا يحتمل ومقاومته تحتاج الي اسلوب مبتكر

والأن ماذا نفعل ؟


اقتضت الحالة صنع ( طوطم ) مشابه للجمعية الوطنية للتغيير وان كان  الأمر يتطلب طوطم ( صديق ) و( أليف ) للنظام الحاكم ولا يخرج عن طوعه وكان ( الوفد ) يحقق  المعادلة فهو يملك ( هيئة ) محترمة وتاريخ ضخم ولا يتطلب الأمر سوي قيادات ذات صفحة بيضاء بعد ما استنفذ فريق (أباظة - عبد النور) كل مياه الوجوه الفترة الماضية خاصة بعد ان ذاع خبر انعقاد صفقة بين الوفد والحزب الوطني علي ( منحة) العشرين مقعد في البرلمان نظير مناوئة البرادعي وجمعيته!!ه

وكان الحل في الدكتور السيد البدوي رجل الأعمال الناجح الصاعد بسرعة الصاروخ وصاحب الأداء العاقل الرزين والصفحة النظيفة والمجهول التوجه ، انتخابات الوفد نفسها جرت وعلي غير العادة في ظل مراقبة خارجية من شخصيات عامة وبأداء ( فاتن ) خلب لب الكثيرين ونشط لديهم غدة المشاركة السياسية بعدما تصورنا انها قد ضمرت

وعلي التوازي من وفود البرادعي ، بدأت وفود السيد البدوي تتوالي علي حزب الوفد تشيد بالتجربة وتشتاق للغيث بعدما استبشرت بالقطرة وتجهز نفسها لعمل سياسي حر ومشروع دشنته بتوقيع استمارة العضوية بين يدي ( السيد البدوي )!ه

أثار تساؤلي بعدها بعض توجهات البدوي ، من مثل عمل دورات في الممارسة السياسية لأعضاء حركة شباب 6 أبريل بالذات - وهي التي يتميز شبابها عن الموجود  بالممارسة السياسية غير الملوثة بالأغراض و الحسابات الخاصة  ويطالبون بالحرية ببراءة ونظافة ذمة ، ما المقصود؟ التوعية ام الاحتواء؟

وتصريح  البدوي بأن الوفد سوف يحصل علي عشرين مقعد في الانتخابات البرلمانية التي هي علي الأبواب والتي لم يكن الوفد قد قرر بعد خوضها ، هل الصفقة ما زالت سارية؟ وهل هذا تمهيد؟

وما الفارق في سلوك  قيادة الحزب تجاه الجمعية الوطنية للتغيير بين أباظة وبين البدوي سوي استقبال الأخير لوفد الجمعية لتهنئته بالفوز ورفضه حتي التنسيق معهم ، هل هي استراتيجية قيادة ام حزب يقف في الصف؟

وما كان الداعي للصياح في مؤتمر الحزب ان لا انتخابات دون ضمانات ولم تتحقق اي ضمانات فإذا بالحزب يقرر دخول الانتخابات بدعوي ان المقاطعة موات!!ه ، وما طبيعة المشاركة في انتخابات بدون ضمانات نزاهة إذن؟ هل هي الحياة؟!!!ه 

يزداد لديك الشعور بأن رجل الأعمال في  الحزب الوطني لا يختلف عنه في حزب الوفد ( من أمثال عبد النور والسيد البدوي ) ، كلهم يعمل لصالح جهة واحدة حتي ولو حمل ملامح مختلفة ، وانا لا اتوقع بالطبع الكثير من رجل أصابعه كلها تحت أضراس الحكومة وأمواله قد تصبح ( نهيبة ) في اي لحظة 

ولكن حالة ( السيد البدوي ) بالذات بها بعض الخصوصية ، هذا الرجل من طراز السياسي الناعم والذي - وعلي عكس حلاليف كثيرين علي الساحة - يلتحف بطبقة سميكة من الكلام المنمق والأداء الأنيق والأفعال الجالبة للإحترام في ظاهرها ، هو من الطراز الذي يعرف جيدا ( كيف يبدو محترما) لذا فستتحير جداً في الحكم علي شخصيته واتجاهاته 



ولكن حين انفجرت أزمة جريدة ( الدستور ) المصرية  - الذي ابتاعها السيد البدوي وشريكه رجل الأعمال  رضا إدوارد ومعهم مساهمين أخرين لم يكشف البدوي عنهم قبلها بشهرين مع سيول التأكيدات بأن سياستها التحريرية لن تتأثر او تتغير- لا أعرف لم لم تصبني الدهشة مما حدث ولم يسكن تفكيري سوي المشهد الأخير من الفيلم الرائع ( الريس عمر حرب ) - كما فضلوا كتابتها علي الأفيش - والذي يكشف فيه ( عمر حرب ) ل ( خالد )بأنه : يستخدم الناس بوجوههم وشخصياتهم في الحياة  ، فهم يظنون انهم يصنعون ما يتصورون انهم يريدونه بينما في الحقيقة انهم يصنعون ما يريده هو...ما يريده (الريس عمر حرب)ه

Oct 4, 2010

أيــــام عصـــيبة ( الجزء الثالث )ه

ديـــوان الأمــــــــن

بالطبع وحين نفصل مفردات اي ساحة سياسية طبيعية فإن الأمن سوف يكون موجوداً هناك في الركن ، يقبض علي عصاه ليمنع اي من اللاعبين السياسيين من التعدي علي أقرانهم أو ان يستخدم أحدهم القوة لترجيح كفته علي الأخرين ، ولكن هذا في الساحات السياسية الطبيعية وليس هنا في بلاد الشرق

متعارف علي ديوان الأمن منذ القدم انه عصا الحاكم الذي يرسي بها الأمان لشعبه وكذلك لعرشه ، وبالطبع وان كان أفراده من نفس هذا الشعب الا انه وحين يرتدي الزي النظامي فقد انتمي هكذا الي الكيان المهيمن المسمي بالدولة ، وتتبدل الأولويات والخيارات خصوصاً اذا ما لاحظت نظرات الناس لمثل هذا الزي ومعاملتهم لمرتديه

ما نتحدث عنه غائر في تاريخ هذا البلد ، فقط تختلف المسميات بين ( جند ) الفاطميين و( عسس) الأيوبيين   و( أتابك )المماليك و( جراكسة )العثمانيين و ( بوليس) الملك وصولاً الي ( داخلية) الثورة وما بعدها ، وقد كان لديوان الأمن مشاهد مشرفة لا تنسي علي مر الزمان وكثيراً ما انصهر أفراده في الشعب حين الملمات

ما يلاحظ علي ديوان الأمن هذه الأيام هو تبوأه المكانة الأولي لدي الرئيس في قائمة التكليف بالمهمات ، فقد لوحظ ان النظام المصري لم يعد يفعل الحلول الإجتماعية والثقافية والتعليمية والإقتصادية والقانونية ولم يعد له القدرة ولا الصبر عليها وصار يأخذ الطريق المختصر لحلها الا وهو ديوان الأمن فصار الأمن يكلف بما له علاقة به وما ليس له به علاقة مباشرة ، بل ان ديوان الأمن نفسه صار يتحمل حماقات سياسات الوزارات الأخري ومطلوب منه ان يقف في الشارع ينظم مرور الاف السيارات التي فتحت أبواب تصنيعها ولم تُعد لها طرق او جراجات مثلا

وصار عليه تنظيم عمل التريسيكل والتوك توك ومحاصرة جرائمهم بينما وابل استيرادهما لم ولن ينقطع ،وهو بالطبع أول من يستدعي حين يحدث توتر طائفي ومطلوب منه تولي ملف الأقباط ومتابعته والبت فيه باستمرار مع ان الملف لا يخص الأمن أصلاً الا في حدود إختلال الأمن و لا يخرج عن ذلك

الأمثلة لما نقول به كثيرة وتحيط بنا من كل جانب ولكنها اشتملت للأسف علي مناحي أخلت بالشرف العسكري حين (استغل) النظام - لا الدولة - سلطته علي ديوان الأمن فعمل علي توسيع سلطته وهيمنته علي كافة مؤسسات الدولة بشرط إحكام السيطرة علي كافة الأمور وجعلها تسير في إتجاه واحد وهو مصلحة النظام

وللأسف فقد تقنع هذا بالقانون العسكري الملزم بالطاعة للقيادات وكانت النتيجة حدوث الكثير من المأسي خصوصاً من بعض الأفراد الذين لم ينشؤا علي إحترام الشرف العسكري والإعتداد بالزي الرسمي والخدمة في المؤسسة الأمنية ، وتواردت حوادث التعذيب والقتل والتنكيل والإهانة داخل اقسام الشرطة مع ميل واضح لدي القيادة بترك هذه الحوادث وأثرها سارية خصوصاً في أذهان العامة لعلها تستدعي الرهبة منه بعدما غاب الإحترام

وقد كان لتدخل ديوان الأمن في الساحة السياسية أثراً فظيعاً لا أظن ان مصر سوف تتخلص منه بسهولة ، فلا نستطيع ان ندعي ونقول ان النظام الحالي قد ابتدع تسيير ديوان الأمن لمصلحته الشخصية فقد سبقته مصر الملكية ومصر الثورة وكذلك الرئيس السادات ، لكن كل هؤلاء لم يسلموا مفردات الدولة بكاملها الي ديوان الأمن كما فعل النظام الحالي ، كما ان كل منهم كان يستعين بالأمن ليحمي وجوده المستند علي قضية ما وأنبلهم بلا جدال كان أمن عبد الناصر الذي حمي منجزات وطنية مهولة وفي ذات الوقت قاوم مؤامرات خارجية عديدة حاولت ان تحرك وكلائها داخل البلاد

لكن الأن فإن النظام الحالي يسجل سابقة حين يسخر ديوان الأمن لحمايته ووقاية استقراره علي كرسي الحكم لا لإنجاز مشروع قومي او حماية توجه معين ولكن فقط للإحتفاظ بالكرسي وما هو تحته من مصالح شراذم معدودة تستأثر بمعظم دخل الدولة وتريد ان تحافظ علي مكاسبها

ولذلك فسوف تري الأمن عند كل مظاهرة تعترض علي نظام الحكم ، وقد يلجأ الي إجراءات إستثنائية غير أخلاقية لأن القيادة كلفته بتصفية الموقف بأي شكل!ه

وسوف تري الأمن عند كل لجنة إنتخابية في الانتخابات القادمة ، يحيط بها إحاطة السوار بالمعصم وينفذ تعليمات صدرت بإعاقة مناصري فلان والتغاضي عن مناصري علان او حتي تقفيل اللجنة الفلانية أصلاً !!!!!ه

وبالرغم من كل ما حدث ويحدث وسوف يحدث فإنني صادقاً لا أنسي ان كل العاملين في ديوان الأمن  هم مصريين أولاً وأخيراً قد تخنقهم الأوامر في بعض الأحيان ، وقد تغشيهم حلاوة السلطة واليد المطلقة ، وقد يبتعد صوت الضمير عن عقولهم بشكل مؤقت الا ان ظني ان هذا لن يطول وفي النهاية سوف يشعرون بما يقاسي منه أفراد الشعب وما يعارضونه وسوف يلتئمون معه

Sep 26, 2010

أيام عصيبة ( الجزء الثاني)ه

الحزب الوطني الديمقراطي - لجنة السياسات 
حينما دونا قبلاً عن الحزب الوطني الديمقراطي - هنا - قلنا انه التنظيم السياسي الذي واكب توجه الرئيس السادات في تغيير( شكل ) الساحة السياسية في مصر من تنظيم سياسي واحد يضم كافة الفئات والأفكار ومنفرد بشرعية العمل السياسي الي تنظيم سياسي في شكل حزب مدعوم من السلطة - وليس الدولة - ومهيأ له أحزاب منافسة علي أن تظل تلك الأحزاب تحت السيطرة



وما الداعي الي ذلك اذا ما كان السادات بطل الحرب والسلام ويحكم بشرعية إنتصاره بل والناس نفسها لا تفكر أصلاً في موضوع عودة الأحزاب الا بشكل ضيق جداً؟




الداعي من وراء هذا كله هو نفس الداعي الذي يحرص لأجله النظام المصري الأن علي الحزب الوطني ويحاول بأقصي جهده النفخ فيه وإبقائه منتصباً امام جموع المراقبين بالداخل والخارج ، السادات اختارته مجلة تايم الأمريكية شخصية عام 1977 وصار نجماً عالميأ لا يصح ان يحكم دولة بتنظيم ( إشتراكي) وحدوي ، وكذلك النظام الحالي وهو الذي لا يستند علي اي شرعية او شعبية او حتي إنجاز مقنع يطلب الأعضاء بشتي الطرق ويجتذبهم بإمتيازات الدولة - الجيب واحد بين الحزب والدولة - علي ان يعملوا له ( مقاولين أنفار ) يجمعون الناخبين حولهم وينجحون مرشحيه وبالتالي يؤمن حكومته من الأخطار



وقبلاً كان الأمر نسبياً يحمل شيئاً من الشرف ، فقد كان الإعتماد في غالبيته لترشيح النواب والعضوية في معظمه يكون علي ( الصلات العائلية) و كبار الكفور والنجوع  يشير هؤلاء علي من تحتهم من الشباب والرجال بالإتجاه و( المشي ) مع فلان مرشح الحكومة في مقابل علاقات متميزة للكبير مع كبار رجال الحكومة وخدمات تؤدي..والعاصم في هذا الإحترام للكبير ورؤيته وتنفيذ أمره ولو علي كره



وغني عن التعريف ان المسئول عن مثل هذا العمل الضخم والهام في عموم أقطار الجمهورية كانوا أشخاصاً من عينة الوزير كمال الشاذلي..فلم يكن يبالغ حين قال انه يحفظ عائلات وبطون مصر تفصيلاً في أحد حواراته ، هذا بالطبع الي جانب بعض المواهب الأخري!!ه



ومع تبدل الأحوال - وخاصة مع حلول السيد جمال مبارك عضواً في الحزب الوطني ثم أميناً للجنة جديدة سميت لجنة السياسات - تزامن هذا مع حركة تغيير واسعة ومتزايدة شملت أسس عمل الحزب بين الناس ، فقد دخل جمال مبارك الحزب ليس وحده ولكن معه طغمة من رجال الأعمال يساندونه في توجهاته الإقتصادية ومنهم تشكلت أغلبية لجنة السياسات  - والتي صارت مسؤليتها هي مراجعة قرارات الحزب كافة وتحديد السياسات التي ينبغي لحكومة الحزب ان تسير عليها خلال عملها...وهكذا صارت فوق الحزب والحكومة معا..وصار جمال مبارك فوق الكل



هذا داخل الحزب ، أما عن التعامل بين الحزب والناس فقد تأكلت قطعة الشرف الباقية لأن العصبية القبلية او العائلية لم تزل موجودة ولكن إحترام الكبار أنفسهم لم يعد موجوداً ، لما وجده الشباب لدي هؤلاء الكبار من تهالك علي المصالح والمال والنفوذ والإستئثار بكل هذا ليحافظوا علي مسافة كبيرة بينهم وبين من تحتهم فتسبب هذا في خروج الكثيرين من تحت عباءة الكبار والبحث عن مصالحهم الخاصة مع من يماثلهم سناً وتاريخاً في العمل السياسي ( وهذا كلام بشئ من التأمل يصدق علي أغلب مناطق الجمهورية لمن يحب التأكد )ه



وقد اختلف الجيل الجديد- او الفكر الجديد - عن الجيل القديم في نهجه في إغراء الناس بتأييد الحزب الوطني فبينما اعتمد المخضرمين قديماً علي المصالح والخدمات والعلاقات فقد انتهج الجدد النهج الوحيد الذي يفهمون ويبشرون به :  المال ، عليك ان تبذل الكثير من مالك للحزب اذا ما اردت القرب والرضا وتسيير أعمالك ، والمال يدور ويتجه الي مرتزقة يحشدون الناس بأكياس لحم ووجبات غداء وما الي ذلك

كانت احدي أماني ان يكون الحزب الوطني الديمقراطي مثالاً للحزب العملاق الذي يعطي مثالاً للأحزاب الأخري في كيفية العمل بين الناس وكسبهم الي صفوفه عن اقتناع وتوجيه أعداده الغفيرة في صالح المواطنين من أعضائه وغير أعضائه ، كنت أتمني لو دعا الناس الي النزول بأرض السياسة وممارستها بنظافة وحرفية وحماس مشاركين في صنع مستقبلهم فهو يملك القدرة علي فعل هذا ولكن للأسف ، قد صار هذا بعيداً وتحول الحزب الحاكم الي مسخ يستر مسخاً أفظع منه

أخيراً - واعتبروه خبراً - فإني أحب أن اعلمكم ان لجنة السياسات داومت خلال الفترة السابقة علي التقاط اللامعين من الأكاديميين والباحثين والخبرات في مختلف النواحي وضمهم الي اللجنة ليكونوا علي صدر أمينها ، وأحيطكم علماً انه جاري التوسع في مثل هذا الإتجاه واستهداف الأجيال الشابة من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمؤسسات وتوثيق صلتهم بالأمانة وأمينها الصاعد بقوة بما يعتبر توثيق خطوات مطردة نحو الإحاطة بكافة مؤسسات الدولة

Sep 19, 2010

أيام عصيبة ( الجزء الأول )ه

 الـــرئــــيس
بالطبع لابد ان نبدأ بالحديث عن اكثر مواقع السلطة في مصر فعالية وتأثيراً علي كل فرد في مصر ومصيره ، وليس خافياً كم النفوذ الهائل - والمثير للتساؤل - المتوافر للمنصب الرئاسي بمصر وبغض النظر عن الأشخاص والأسماء ، أتحدث عن النفوذ وليس الهيبة
BLANK

مصطلح انجليزي يعني القيمة المطلقة او التي لا تنطبق عليها القوانين وهي ابلغ تعبير يجمع في كلمة واحدة ويلخص المساحات الهائلة من وراء الرئيس المصري ، تخيل فكرة ان هناك شخص يعيش في بلدة لا يستظل بقانونها بل ولا يقاربه اصلاً ، يعاين الإنعتاق من سلطة كل القوانين وكل أوجه المحاسبة والمسائلة ويعتلي رقاب كل من يسن هذه القوانين ومن يحميها وينفذها ، بل ويكون له سلطان تثبيت من يشاء في مكانه ونزع المقعد عمن لا يوافقه ،  هذا فضلاً عن ان المصريين يكفلون لرئيسهم  (سلطة ) إصدار القوانين       و (نفوذ)  تمرير تلك القوانين ايضا !!ه


ان ما نتحدث عنه يمكن ان يكون مألوفاً حينما نتحدث عن الممالك وحكامها من الملوك ولكنه وضع يصير شاذاً في حالة دولة اختارت النظام الجمهوري- من سلطة الجمهور اي الشعب-كنظام للحكم بما فيه من انتخاب ديمقراطي وحر لرؤس السلطتين التنفيذية والتشريعية ومراقبة السلطة القضائية والسلطة الرابعة ( الإعلام)، اي ان التخلف الذي تكرس في المنطقة العربية مسخ النظام الجمهوري ليعود ملكياً مستبداً يملك ويحكم ويقصي ويقرب وينعم ويحرم ويكرس ويورث أيضاً !ه

وان كانت المراقبة المتأنية للأمر يقودنا الي نتائج تخالف السائد بين الناس في المطلق والذي صار مستراحاً ومرعي فسيحاً يطلقون فيه دواب أفكارهم الهوجاء بمنتهي الأريحية ، فالناس تظن ان صولجان الحكم المصري دوماً لا يجذب الا المتهالكين علي السلطة الجبابرة الظالمين الذين تجري كرات دم الفراعنة في عروقهم ويعتبر منازعتهم في سلطتهم هو الخبال بعينه ، وان الحال يقضي بتجنب الجبابرة وصراعهم الوحشي يزيح الأقوي منهم الأضعف وينجون هم بأموالهم وعيالهم!!!ه

والحقيقة ان مثل هذا الفكر ينبع من معين تخلف وإسفاف تفجر في أرض العرب منذ قرون وأن له ان يتنحي عن عقول أهل هذه البلاد والا فسيظلون يرون خسارتهم تتوالي وتطال كل عزيز لديهم ، وأول ما فارق هذا الفكر الأفاك فارق روح الإسلام التي ظهرت جلية في أول منظومة سياسية في ظل الأسلام وهي الخلافة الراشدة ، فقد توفي النبي المختار عليه الصلاة والسلام وذهب معه الظل النوراني للوحي والذي كان يجمع المسلمين من تحته علي طاعة نبيهم والإنصات لأوامر الله ونواهيه ولأخر مرة حتي نهاية الزمان ، وقبل وفاته لم يسم النبي عليه الصلاة والسلام خليفة للمسلمين لكن الناس وضعوا كثيراً من أحاديث النبي الي جانب بعض الأحداث الخ ليجتمعوا علي اختيار (أبي بكر الصديق ) رضي الله عنه وعلي كره منه ، وها هو نظام الحكم في الإسلام يوضع إطاره بواسطة ( أبي بكر) فيقول في خطبة توليته(  ايها الناس ..إني قد وُليت عليكم ولست بخيركم فإن احسنت فأعينوني وان أسأت فقوّموني ... أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم) كما ورد في السيرة النبوية لابن هشام

وهكذا فقد تمكنت الفطرة السوية التي فطر الله الصالحين من عباده عليها وإرتضاها لتحكم بين الناس وأجراها علي لسان أبي بكر من تحديد أسس الحكم السوي وتسيير شئون العباد ، فنص علي الشوري ومراقبة جموع الناس لوليهم وقيد طاعة ولي الأمر بطاعته للخالق وبتقوي الله في رعيته ، ولكن الأمانة نائت بحملها السماوات والأرض والجبال وحملها الإنسان بجهله ورعونته

كما أن هذا الفكر المتخلف السفيه قد فارق الفكر الإنساني القويم الذي أمرنا به بالسير في الأرض وتأمل سنن الأمم من قبلنا والبحث وان الحكمة ضالة المؤمن وسير الشعوب التي ذاقت الأمرين من الحكم الإستبدادي والحكم المتستر خلف قدسية الدين والضحايا كانوا بالملايين وبأشنع سبل الحياة والموت علي السواء 

 ومع هذا خاصمت أرض العرب الفطرة السوية والفكر الإنساني القويم وتنحي جموع الناس عن مسئولياتهم في مراقبة الحاكم وسبل اختياره ومحاسبته ، وبهذا فان اي شخص يقوده حظه الي كرسي الحكم وحتي وان كان ولياً من أولياء الله فان احتمال فساده وتحوله الي مستبد طاغية لن يكون بعيداً ابداً ، وما يزيد الطين بلة ان المصريين لهم قدرة عجيبة علي المشاركة في ( وضع اساسات الطاغية) بأيديهم ، فالانحناء لكل صاحب سلطة بمجرد ان يتسلم سلطته ومداهنته والتقرب اليه وخطب وده وإضفاء ما لا يحوزه من صفات وسمات   لان الميراث الفكري المتخلف ينظر الي المسئول علي انه ( ملك ) حكمه نافذ ولا رقيب عليه سوي نفسه وليس (خادماً) موكل اليه مهمة تسيير الأمور ووضعت علي عنقه سيوف الرقابة والمحاسبة والعقاب
  
إن هذا لا يضر في شئ بأكثر من نظرة الحاكم نفسه لمثل هذا الشعب علي انه ( تراث ) ومجرد دواب تدب علي الأرض ليس لها من إحتياجات او أحاسيس او حتي كرامة يحرص علي حمايتها وتوفيرها  ، باختصار فان الناس أنفسهم في ردود أفعالهم اللامبالية وتكأكؤهم علي مكاسبهم الشخصية وبيع العام في سبيل الخاص نجحوا في إيصال الحاكم لليقين بأنه يرعي مجموعة من الغنم  تتقي عصاه بخوف و تلهث خلف الحشائش ، حتي لو كانت تلك الحشائش مسرطنة!!ه

وهكذا وحين ينتبه هذا الشعب لما يحدث معه ويحاول ان يبلغ رسالة الي الحاكم مفاده اننا بشر ولنا كرامة ولنا احتياجات فليس من المتوقع ابداً ان يتكفل هذا بتغيير اليقين الذي تجذر لدي الحاكم لما يزيد عن الثلاثة عقود - وهو ليس ذنبه وحده بالطبع !ه - وحين يري الناس ان وجود مثل هذا الحاكم قد صار ثقيلاً عليهم ولابد من إزاحته فلابد ايضاً ان يحذروا من ان الأتي بعده بلا جدال سوف تتكرر معه نفس الدائرة المعتمة التي نتخبط بها جميعاً وخرجت بامتنا من التاريخ مالم يجتمعوا علي تغيير نظرتهم للحاكم من كونه ( ملك ) لكونه ( خادم) مؤتمن ومراقب ولا يعلو فوق المحاسبة

وعليهم ايضاً ان يفكروا في صفة المجتمع الذي سوف يستقبل اي مسئول بعد ان يترك منصبه ، فانني أزعم ان المواطن البلانك ومن اختارهم ليعاونوه قد قاسي الأمرين ليس من الفقر والجوع والحرمان ، لقد عاني أشد ما عاني من ( التسلط ) والذي هو مرض المجتمع العضال وخنجر يحمله كل فرد ولم يستطع القانون تحريم حمله ، فالناس في بلادنا مهرة في التسلط علي إرادات الأخرين ، عزيمتهم ، أعراضهم ، حرمتهم ، معتقداتهم ، راحتهم الخ
كل منا يمتلك هذا الخنجر وعنده دوما من يسلطه عليه ، دائرة لا نهائية من التسلط تستغل اي سلطة سياسية ،روحية ، معنوية لكي تتعاظم ألسنتها فتكوي من يقع في إسارها.. ومصيبتها تكمن في أنها تسبح وتتنقل من فرد الي أخر ولا تفني الا في نفوس المتقين وقليل ما هم

لا ينجو من مثل هذا المجتمع الا مواطناً يرمز للقيمة المطلقة.. ذاق معني الإنعتاق الحقيقي من كل السلطات والقوانين ، ومن تسلط اي متسلط  ووضعه قومه في قمة عالية لم يتصورها بشر لنفسه ،ولا يتصور ان يعود ليرسف في قيود تحرر منها قبلاً ،
هذا دونه الموت




Jul 21, 2010

فــاكــانــســي أم رشــا !!ه


كيف تري الأمور لو كنت تسكن وحدك ؟

بالطبع فإن هواة الحرية والانطلاق - نزل إيدك يا ابني هناك - سوف يتحفونني بمقالات رائعة متخمة بمصطلحات من عينة ( الخلاص )و ( اللي علي مزاجك )و ( بلا خنقة )الخ الخ

وإذا لم تكن سعادتك تقرأ هذا التدوين كماأقرأالجريدة-من الصفحة الأخيرة وصولا للسودوكو!!- فقد وقعت عيناك علي الصورة التي تتصدر التدوين - وهي التي لا علاقة لها بي وأقسم علي هذا !! - وهي تحمل العنصر الذي أردت الحديث عنه اليوم

دعونا ننسي الفئة التي طرحت عليها سؤالي والا فإن العديد من الروائح غير المستحبة سوف تبدأ في التصاعد - خصوصا اننا في الصيف -نتيجة ( التكبير ) لجامع القمامة و( التنفيض ) لصراصير المطبخ الخ الخ

لا أنكر انني شخص يحب النظافة ، وانني مثل باقي البشرية قد أقوم ببعض المجهودات الخلاقة في سبيل نيل بعض مطالبي - كما تسمح لي الظروف بين الحين والأخر وقد دونت إحدي هذه المرات هنــا- وان كنت لا أدعي ان النظافة لدي وسواس يحكم كل حياتي والا كنت قد تقدمت بطلب للهجرة منذ زمن!!ه

وأخر هذه الأوقات لم أكن أملك استعدادا عصبيا او حتي الوقت للتورط في مثل هذه العملية لذا فالحل يكون لدي ( أم رشا ) ه

ولمن لا يعرف أم رشا من قراء مدونتي المساكين أقول لهم : انتم لستم بأحياء!!ه
أم رشا ..يا عيني عليكي يا ام رشا..انها لتجربة فريدة ان تري ام رشا وهي ( تؤدب ) سجادة أعطاها لها احد السكان جزاءا لها - للسجادة وليس ام رشا-علي سفالتها اذا ما يوما أظهرت بعض الغبار الكامن فيها!!ه
أو تراقب تخطيطها لخوض مباراة ( مسح السلم ) كل صباح خميس..عليك ان تتأمل ( التشكيل ) الذي وضعته بطريقة واحد( للكنس- هند محترفة في مدرسة الأمل الخاصة!! )- واحد( للمسح وغمر المياه - رشا محترفة في غيطان الأرز!!) وأخيرا رأس الحربة واحد ( لجمع المياة والتجفيف والتنشيف - أم رشا محترفة في شركة المياة !!!)ه

ومن فوري اتجهت الي زوجها السيد مرتضي بشندي  بواب العمارة المجاورة والقائم بأعمال بواب عمارتنا الي أن يخترعوا أحدهم ، وككل صباح كان منهمكاً في أداء الطقس الصباحي برفع (ذيل ) جلبابه الي فمه - دلالة الجودة فالناس تشمر عن ساعد الجد اما مرتضي فليس أقل من ان يشمر عن ساقيه!!-وتوجيه فوهة خرطوم المياه الي اقصي ما يطوله من جهة اليمين أولا-علي السنة!-ثم جهة اليسار

صباح الخير يا مرتضي 
صباح النور يا بييي
مش خسارة المية اللي عمال تسرسبها كل يوم دي يا مرتضي؟ دي متنقية للشرب
ونجيب منين مية يا بييي؟
يعني وهو لازم رش مية؟ كيف يعني؟
بابتسامة صمغية- لا يا بييي بس الغبرة تركبنا عاد لو ما رجدنهاش!!ه
ترجمة: لا يا بيه بس التراب هيطلع علينا لو مش رشيت مية ترقده!!ه

ماشي يا مرتضي ، ابقي قول لأم رشا ان الشقة اشتكت من التراب اللي انت بترقده ده وهارجع العصر عشان افتح لها تشتغل فيها

أم رشا مش هنا يا بيي ، اني وصلتها البلد من يومين تقعد مع أهلها كام يوم

وهترجع إمتي؟

يعني ، عشر تيام كده

يا الله ، هل أحييتني يا ربي حتي رأيت اليوم الذي يقول فيه الصعيدي بفم ملؤه الثقة أن زوجته تقضي ( فاكانسي ) في البلد!!ه
لا حول ولا قوة الا بك يارب ، استر يا ستار ، دي القيامة هتقوم يا اخواننا ،هي يعني صحيح أم رشا قد تسلك سلوك البني أدمين غير المتجبرين في بعض الأوقات وقد أعترف انها قد - أقول قد - تحتاج الي إجازة مثل بقية البشر ولكن السؤال: ماذا علي أن أفعل الأن؟

لابد أن أقدح زناد فكري ،وزناد الفكر هذا لا يقدح هكذا بالنوايا الطيبة ، لاااا ، يلزمنا قضاء بعض الوقت عند عربة التين الشوكي علي الناصية لكي يستقيم الفكر ويعتدل!!ه

تغافلت عن شرودي أمام ثمار التين التي تتفتح علي يد الرجل الي ان شعرت بالإكتفاء حين وصلت الي قرار ،وان كان هذا القرار كلفني تيناً شوكياً بسبعة جنيهات!!ه

ألم تكوني انت أولي بهذه الجنيهات وزيادة يا أم رشا؟!!ه

استعنت بالله وانتويت أن أقوم انا بالمهمة ، وبالطبع لا أريد تكرار تفاصيل قد أكون سردتها قبلا هنـــا ولكن في هذه المرة قد أكون إزددت خبرة بأمور النظافة المنزلية وعرفت أجابة بعض الأسئلة من مثل :ه

لماذا تفضل الزوجات لف الرأس بإيشارب مع الحرص علي إبراز طرفيه من أعلي الرأس كأذني أرنب ( أرنب حبوب يعني عشان مش حد يزعل !!)أثناء التنظيف والتنفيض؟
ففضلاً عن أن هذا يدخل في صميم تقاليد العائلة المصرية المتوارثة فقد تبين ايضا ان لبس الإيشارب يحول دون إتحاد الغبار المتطاير مع دهان الشعر- إن وجد يعني ويتراوح بين الجاز وكريم فاتيكا!- وتحوله الي رقائق من أشياء طريفة جداً لا أنصح بتجربتها علي اي حال!!ه

ولماذا تتحول الزوجات أثناء عملية التنظيف الي أشكيف مخيف  - لو أضفنا لصورة الأشكيف شعر الرأس النافر وصوت الزئير والصراخ المفزع!!- لا تتحمل ان تري امامها اي من أفراد الأسرة يظهر عليه بعض الحبور؟

فقد وجدت أن كمية الغبار المستنشقة والمتراكمة علي تجعلني أحقد علي كل من يعبر أمام عيني نظيف الملابس من غير سوء كما انني كنت في ( عرض ) اي احد يجلس حتي بجانبي ليقول لي : تشجع ، فات الكتير ، جدع ، هات كويس من تحت السرير!!!ه

في العموم فقد انتهت العملية بحمد الله بسلام وأعتقد ان والدتي حين سمعت بالموضوع علاها الحبور والرضا فقد يكون تكرار الأمر لمرة أو مرتين قادمتين كفيل بركوعي أمامها طالبا العفو و الموافقة علي الزواج!!ه     

Jul 4, 2010

الخيــط الأســـود البغيض


إستلزم الأمر هذه المرة عاماً كاملاً لفهم الأمر من كافة جوانبه ، تطلب الأمر عاماً كاملاً للوصول الي حقيقة ان الخيط الأسود البغيض كان هناك ، منذ عام في دريسدن بألمانيا ، يلتف حول عنق الضحية مروة الشربيني ولا يتركها الا جثة غارقة في دمائها علي مرأي من ابنها الصغير
وقد أطل الخيط الأسود واضحا حين قال القاتل في التحقيقات ( أنه يرفض ان يأتي العرب للعيش في ألمانيا التي يجب ان تبقي للألمان )، قديماً لم تكن ( المدنية) التي انتقلت للأرض الجديدة في أمريكا بالقادرة علي تدميرهذا الخيط ونزعه من النفوس فرأينا السادة المتمدنين المستندين علي حضارة أوروبا يستحلون دماء ( الهنود الحمر ) أصحاب الأرض الأصليين وبتصريح من الكنيسة يساوي بين الهندي الأحمر والبهيمة ، والأرض كانت الجائزة
ودار الخيط الأسود البغيض دورته الي ان وصل إفريقيا وكان وازعاً علي موجات السادة المتحضرين - من فرنسا وبريطانيا وهولندا وبلجيكا - وهي تتوالي ولا تتواني عن إبادة قبائل كاملة إذا ما وقف هذا في طريق إستخراج الذهب او الألماس ، وحين أخذ الخيط يتجمع ويتشابك إختار ( جنوب إفريقيا ) لتكون أرض الكراهية والتفرقة العنصرية والقتل غير المسئول للسود أصحاب الوطن الأصليين
هل لنا ان نتحدث عن هتلر وإذكائه لنزعة التفوق لدي الجنس الأري - الذي يقطن ألمانيا - وسيادته علي بقية الأجناس ، وعلي هذا فقد أسس الرجل للرايخ الثالث ومضي مستغلاً قوة بلاده ووطأة جيوشه ومحتقراً لكافة أجناس الأرض
أم نتحدث عن موسوليني ، الديكتاتور الإيطالي الذي أراد أن يعيد مجد روما التليد فلم يجد سوي أن يذهب للجيران ويطردهم من أراضيهم ، ولن نذكر فظائع الأحتلال الإيطالي في ليبيا
ومن بعدها لم ينقطع هذا الخيط الاسود ، ما زال يلتف حول أعناق أهل فلسطين ويطل من فوهة بندقية كل كلب إسرائيلي يرتعد رعباً اذا ما نزعت منه هذه البندقية
***************
لا تتعجبوا إن قلت لكم ان ما كتبته هذا لم يكن أبداً لتجديد الغضب وإيغار الصدور علي سكان أوروبا والغرب وأفكارهم ونظرتهم الينا ، بل ان ما يحتاج النظر اليه هو أحوالنا نحن ، في الوقت الذي كان فيه علماء االعرب يقيسون إرتفاع الأجرام السماوية ووزن الأرض وقطرها كان الأوروبيون يلبسون الجلود ويبيتون في الأكواخ ، وحين كان المسلمون في الأندلس كان الطلبة يقصدون قرطبة وغرناطة وغيرها ليدرسوا العلم ويعودون به الي أهليهم ، بنوا حضارتهم تأسيساً علي حضارة العرب وقد ينكرون لكن المصيبة انه اذا تحدث أحدهم عن انه ( لا يريد عرباً هنالك) فإننا لن نرد عليه بأن ( إنزع عنك حضارتك تلك إذن )ه
نحن لا نملك معرفياً أن نبث الي الأخر أسباب أن يقبلنا ، بالعكس نحن ماهرين في جعله كيف يرفضنا ، فأفضل العقول العربية حين تذهب اليه لن تكون هناك لكي( تجعل حياته أفضل) ولكن لأنها (هاربة من الفقر المدقع و الاستبداد في بلادها) وتذهب اليه هناك تستولي علي دخله
ودائماً في الوقت الذي ينبغي فيه ان نظهر التفهم والمناقشة لا يظهر منا الا الغضب والمظاهرات والعنف ، وحين يتطلب الأمر بعض الحزم والتشدد في المواقف لا يجدون الا كل تفريط وميوعة( الموقف من ضرب غزة والحصار ومن بعدهما قضية اسطول الحرية)ه
ِوالعجب اننا قد نستنكر ويستبد بنا الغضب - كأفراد - اذا ما صادفنا المعاملة العنصرية في أوروبا وأمريكا ولكننا ننسي أننا نستدعي نفس الخيط العنصري البغيض في التفرقة بين السنة والشيعة او حتي في معاملة المصري المسلم للمصري المسيحي والعكس( لاحظ معاملة المصريين للمسيحيين الأجانب وتعجب )ه
وبالطبع فإن البعض قد ينظر لحادث مقتل مروة الشربيني علي انه حادث إرتكبه مخبول ونال جزائه ، ولكنه أبداً لم يكن كذلك وورائه كل ما كتبت وأكثر وليس معني الا يتكرر الحادث بحذافيره بطلان تلك الخلفية ، فعشرات الحوادث التي تحدث يومياُ مع المغتربين تشي بأن هناك فجوة هائلة بيننا وبين الوعي يجب عبورها أولاً لكي نعبر الفجوة بيننا وبين الغرب

May 23, 2010

فلاش بـــاك

سبتمبر- عام الف وتسعمائةوتسعة وتسعين
بالأمس عبرنا قناة السويس بالعبارة عند القنطرة شرق متجهين للعريش ، الرحلة تابعة لوزارة الشباب وسنقيم في احد المعسكرين التابعين لها هناك
المدينة جميلة وهادئة وشاطئها وان كان في معظمه لا يحتوي تلك الرمال الجيرية الناصعة التي تعطي البحر الوانه الفيروزية الساحرة الا ان انتشار النخيل علي البحر مباشرة يعطي المدينة سحراً لا يتوافر لشواطئ أخري
بالطبع لابد ان اتوقع سيطرة الأجهزة الأمنية علي مقدرات البلدة والأمور فيها ، وهو شئ في مجمله لا لوم فيه مطلقا ، أزعجني انتشار المنتجات الإسرائيلية الكثيف هنا في الأسواق وخاصة انها كماليات ( ادوات زينة ، شامبو ، صنادل الخ )ه، اذن فالحكومة توافق علي التجارة والكسب لكنها لا تسمح بأكثر من ذلك والا فلماذا الليلة وانا علي الشاطئ اتحدث مع زملائي عن ما يفعله صدام حسين اذا برجل ضخم يجاورنا في المقعد العام يميل الي ويأمرني الا اتحدث في السياسة !!!!ه
في الغد سوف تأتي الحافلة لنزور عدد من المعالم منها بوابة الشيخ زويد ورفح - حيث سأمشي في شارع طويل نصفه في مصر ونصفه الأخر في فلسطين - ثم مستعمرة ياميت - وهي كومة من الأنقاض للمستعمرة التي أخلتها اسرائيل لدي انسحابها ثم دمرتها واشترطت الا يمس الأنقاض أحد وهي
علي ذلك الي الأن ، خرابة - ثم سنزور النصب التذكاري الصخري لتخليد ذكري القتلي الإسرائيليين في سيناء( ! )
لن يلفت نظري من هذا كله سوي سلوك مرافقنا في الجولة الذي ما ان تحركت الحافلة حتي بدأ شرح تاريخ المكان وجغرافيته وبعض طبائع أهله
ساق المرافق - الذي هو بالطبع يخاطب مجموعة شبابية داخل سيناء وبالتالي قد تمت إجازته - ضمن ما ساق بعض الحديث عن عادات العرايشي واذا به يقول لنا ان كلمة ( ،،،،)- وهي كلمة غير دارجة اطلاقا لدينا في الحضر - قد تضايق العرايشي جدا لأنها سبة قاسية وتجعله في حالة شديدة الغضب!!!!ه
سبحان الله ، هل مثل هذا يقال في كتب الإرشاد السياحي؟
أم انه تلقين؟


اخلاء مستعمرة ياميت






*************************

أغسطس عام الفين
كان المعسكر لأبي قير بالأسكندرية هذه المرة ، وافقت علي الإنضمام اليه لأسباب عدة ،منها مثلا اني سوف ألج الكلية بعد شهرين وأريد أن أقيم الحزب الوطني - صاحب المعسكر - فهو كما يبدو مجتهداً محترفاً والا كيف احتفظ بالسلطة كل هذا الوقت ويغري سيادة الرئيس برئاسته ؟
بالطبع لاحظت ان معسكر الحزب الوطني سوف يقام داخل معسكرات وزارة الشباب بأبي قير وهو ما لا أدري كيف يتم ، تأجير ، او في بيتها ، او الخ!!ه
تواجد السيد نبيه العلقامي بنفسه ليشرف علي المعسكر - علي الرغم من ان احدي قدميه كانت في الجبس ويسير بمساعدة عكاز - وكان أنئذ أميناً للشباب داخل الحزب ، وهو لمن لا يعرفه بنفس ( ستايل ) صفوت الشريف!!!ه
ولو نظرت سيادتك للتاريخ بالأعلي سوف تعرف ان انتخابات مجلس الشعب كانت بعد ثلاثة أشهر - وهي كما سيصفها العلقامي في احدي الندوات ( أصعب إنتخابات للحزب الوطني علي الإطلاق) بالطبع هو لم يقل لماذا لكن الجميع كان يعلم ان الصعوبة تكمن في الإشراف القضائي الذي فرض علي الصناديق هذه المرة ( فاز الحزب عامها بعد الكثير من المصادمات ومنع الناخبين بنسبة تسعة وثلاثون بالمائة تقريبا من مقاعد البرلمان!!!ه)ه
اريد ان اقول ايضا أن اغلب الذين أتوا لا يعرفون اي شئ عما يحدث حولهم فهم يظنونه معسكراً ترفيهياً !!ه وسوف تنقضي أيام المعسكر كلها يقفزون من فوق الأسوار نهاراً ليذهبوا للشاطئ وليلاً ليسهروا في الاسكندرية!!ه
عموماً العلقامي ضمن خطة المعسكر كان يستضيف كل ليلة احد البارزين في الحزب - غالبا وزير - يتحدث فيها عن خطط الحزب المستقبلية لتشغيل الشباب واصلاح الإقتصاد الخ الخ الخ
بالغد مثلاً سوف يحضر السيد هادي فهمي رئيس احدي شركات البتروكيماويات - وتوأم سامح فهمي وزير البترول وسيتكلم عن دور الشباب في الحزب وتجربته في ادارة شركته ثم يزف العلقامي البشري بأن فهمي قد أتي لهم بحقائب مليئة بمجموعة من ( المبيدات الحشرية )والحقائب الفارغة الأنيقة سيأخذها مندوبو المحافظات الذين يعرضون أعلي النتائج للإنضمام ورفع اعداد العضويات في محافظاتهم!!ه
لا أريد ان أصف المشهد السوداوي التالي في التهافت وطريقة العلقامي في التعامل معهم ، لا يهم ، سوف يلفت نظري ساعتئذ الإبتسامة المعلقة علي شفتي هادي فهمي وهو يراقب اي من المندوبين يسرد من الأكاذيب او المساخر - لا فارق - وعينه علي الحقيبة ، كانت ابتسامة مترعة باحتقار واستهانة ما بعدهما ، وله عذره هو الأخر
قد لفت نظري ايضا هذا الشاب النحيف ذي المنظار الطبي الأنيق والشعر الخفيف الذي جلس هادئا منصتاً في مقعده في الصف الأول ولا
ينسي بين الفينة والأخري ان يدون بضع كلمات في أوراق معه
بالطبع تعرفت علي سمت من مثل هؤلاء ، المثقف المحب لبلاده الذي سلك الدرب الشرعي لكي يدلي بدلوه في توجيه سياسة الحكم في وطنه، وبالنظرة البعيدة يمكنك ان تري مستقبله فهو اما سيترك الحزب لأن قواعد اللعب غير نظيفة علي خلاف ما انتظره ، او انه سيصبر متحججاً بعدم اليأس الي ان يأخذ وضعاً داخل الحزب وحينئذ لا يمكنك ان تعرف، هل ما رأه في رحلته أثر فيه فجعله يقسم علي المحافظة علي وضعه ( أحذركم منه جداً فحينئذ هو أخطر الف مرة من الوغد العادي والأمثلة كثيرة ) او سيغلق عينيه عن ان يري تهافت المحيطين ( كوادر وجمهور) ويظل يخلص لمبادئه
طلب الكلمة ، تحدث بهدوء ومنطق أسرين ، نال الإعجاب ، عاد لمقعده وسط التصفيق ، من منصته العالية رمي له العلقامي حقيبة فارغة كجائزة ، سقطت علي الأرض بين المنصة والمقاعد ، ظل كما هو ولم يتحرك، حضه العلقامي بغلظة أن يأخذ الحقيبة ، قام ، وغادر

Apr 27, 2010

بعد الف سلام وتحية




عمو العزيز صلاح


بعد الف سلام وتحية


هذه ذكري وفاتك الثالثة والعشرين قد حلت ومع ذلك فإنني وللعجب لا أراك بعيداً كل هذا البعد ، وحتي ولو قال كل من حولي انك محبوبهم وظلوا يعلقون رباعياتك علي صدورهم ويتغنون بحكمتك وتلقائيتك التي مكنتك واياهم من ملامسة السحاب ، الا انهم ومع كل هذا جزء من هذا المجتمع الذي لا ينظر أغلبه للحالمين والمبدعين الا كنظرته الي الببغاء في قفص ، يثنون علي ألوانه ويضحكون علي صوته ويتسلون بمتابعته الا انهم لا يملكون ما يستقبلون به حكمته ونقده اذا ما ( تجرأ ) يوما علي ان يفكر وينقد!!!ه

صادقاً غنيت انت للإنجازات التي صادفتها في شبابك ، أعرف انك كنت تلقائياً دافق الوطنية مبهوراً بما صار بعد ما كان ، وبعين الخيال انت رأيت ملامح المدينة الفاضلة وبشرت بها في أغانيك الجميلة ، ولكن جاءت النكسة بما بدل الحال


هم قالوا انك اكتأبت بعدها وأغلقت علي نفسك الأبواب ولما خرجت ، خرجت خالعاً ردائك وارتديت أسمالاً من أعمال ( خفيفة) كما حكوا!!!ه


وانا الذي لم أصادف الوعي الا بعد ان رحلت انت عنا أدعي بأني علي علم بحقيقة ما حدث ، وان كنت لا أصارح الكثيرين به فهم لن يستقبلوا كلامي اصلاً فكيف أطالبهم بتفهمه؟!!!ه

ألم يحدث يا عمو صلاح انك قد أفقت بأحداث النكسة علي الواقع الذي كان بعيداً بعض الشئ عن ما ورد في أغانيك؟

ألم يحدث أنك قد أغلقت الباب علي نفسك وأمعنت التفكير فعرفت انك كنت مبشراً مخلصاً لعظائم القضايا وان كنت فطنت الي ان ( القضية العظيمة ) هي مجموعة من القضايا الأصغر والأدق التي تنشد الي بعضها فتتعاظم وترقي؟

ألم تغني ل( الإستقلال الوطني) ثم أيقنت - حين أغلقت الباب وفكرت - الي انها مزيج الكرامة والتضحية وانكار الذات والترفع عن الدنايا؟

ألم تبشر بالمجتمع الرفيع ثم فطنت الي أنه مجموع التراحم والصدق مع النفس وقبول الأخر والعفة الخ ؟

ألم تدعو لاستنفار الهمم ونصرة الضعيف ثم عرفت انهما مرهونان

بصدق الإرادة ومطاردة الكذب والنفاق وتشجيع الحوار وعدم السكوت علي الظلم؟


أنت توصلت لكل هذا وخرجت من عزلتك عازماً علي رفع سلاحك من جديد ، ولكن هذه المرة كانت الأمور قد اتضحت وبان العدو الحقيقي الكامن في نفوسنا

في فيلم ( خللي بالك من زوزو ) انت حاربت إزدواجية التراث والمعاصرة ، الدين والدنيا ، الظاهر والباطن ، الفقر والغني وأهم من هذا كله قصدت طرح سؤالاً خطيراً : من نحن أصلا ؟

وبالطبع فإن الكثيرين رأوا الفيلم خطيئة في تاريخك ، كانوا ينتظرون من الببغاء ان يواصل تسليتهم!!ه


وفي فيلم ( أميرة حبي انا ) حاربت القضاء علي البراءة والتكافؤ من قبل قوي التحكم وشراء البشر والذمم ، ومثلما كان هناك المدير العام المتحكم المتكئ علي كرسيه كان هناك الموظف الذميم والموظفة الغيورة


وفي تحفتك ( شفيقة ومتولي )أظهرتنا بالفعل كما نحن ، بعض من ملح الأرض ضحايا المتنفذين والمتجبرين ، ومنا ايضا الخائن الذي باع شرفه وبلاده وأهله من أجل منصب أو حفنة سم هاري


وأخذت صبيحة كل يوم تتحسس مواضع النقص داخلنا ، تحمل ريشتك وتشير اليها علنا نسمعك ، ونحن نتصفح رسوماتك ونضحك ، يسرح السم في دمك ونحن نضحك!!ه


حتي عملك الرائع ( الليلة الكبيرة ) لم يكن تصويراً بديعاً لأحد محافل المصريين التليدة والعميقة في وعيهم ، ولكنك حملت الشخصيات كل ما فينا فخرج بهذه العظمة

ولم يكن بعيدا عنا ( ابو عمة مايلة ) ولا الذي سيحول وجه السبع شوارع

ولا الذي امتنع عن ابداء عترته لان( البدلة جديدة ) ولا الذين يقضون الليلة الكبيرة في استمتاع باحساس العيش ( سفلقة ) اكثر من تمتعهم بالليلة نفسها


حتي حين إرتأيت انت ان العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا أساس ومصنع النفوس وبحاجة الي العناية لم تتأخر ، وكتبت مسلسل ( هو وهي ) عله يسهم في ترميم علاقة الرجل بالمرأة فتنشأ ذرية مستقرة وقادرة

ومضت الأيام ، وتوالت السنون ، وانت تنتظر ما لا يجئ ، وزاد لديك اليقين بأن ما تأمله لن تراه بعينيك ، فصبيحة كل يوم تحمل خبراً ثابتاً بالإبتعاد أكثر وأكثر عن مرفأ الأحلام ، وصارت المدينة الفاضلة التي


قاربت ان تعاينها بنفسك بيننا وبينها بحاراً وجبالاً ووهاد ، لم تخر ميتاً الا بعد ان جاءك يقين أخر أننا صنعنا كل هذا بأيديناِ



Apr 8, 2010

خواطر علي مقعد مائل


جابت عيناه صفحة البحر امامه ، تمايل المقعد بعض الشئ وإن توطدت قوائمه في رمال الشاطئ من تحته وحين اراد تقويم وضعه لم يقدر فرضي واستوي ، طلب فنجانا من القهوة وتوصية ( الحرس ) بشحذ حواسهم
لا شئ افضل لديه - لو يعلمون - من ترك الدنيا كلها خلف ظهره والتنعم بالنظر لهذه الصفحة الزرقاء الصافية ولكن منذ متي والمرء يؤتي كل ما يتمناه؟!!ه
قديما كان يعتقد ان المرء قد يؤتي فعلا كل ما يتمناه ، وفي عام ما اعتبر نفسه الدليل الحي علي هذا ولكن الان وبعد كل هذه الأعوام أدرك جيداً انه كان دليلاً علي الوهم ، فكل ما فيه الأن حلم به الكثيرون ويحلم به الان الكثيرون وسيظل يحلم به الكثيرون ولكنه وغيره لم يتوقفوا ليسألوا انفسهم مرة : ما الذي اريده حقا؟!!ه
السلطة ، المال ، النفوذ ، الشهرة ، كلها مفردات لأشياء براقة والكل يطمح فيها ولكن بان انها في ذاتها لم تكن هدفا والا فليقولوا لم يجمعون نقوداً بالمليارات يعرفون جيداً انهم لن يعيشوا لينفقوها؟!!ه
اليوم بان ان كل ما فات كان سعياً خلف الحرية!!ه
واليوم بان انه ومن معه ابعد ما يكون عن الحرية!!ه
عاش ومن معه يكدون فقط في الحفاظ علي المقود في أيديهم وذلك طلباً للحرية ، لئلا يقهرهم احد ولتنفذ كلمتهم في راحة الناس ثم في حياتهم وأخيراً في موتهم
ومثل الطفيل امتص كل حيوية الناس وانتزع حريتهم لكي ينفذ كلمته ويحمي حريته
ومع ذلك لم ينتبه ومن معه الي انهم يدلفون طريقا ذا اتجاه واحد ، العودة منه مستحيلة والنفوذ فيه علي رقاب العباد يتزايد بينما ينكمش النفوذ علي النفس والمصير حتي كاد يختفي
يا للعجب ، الطريق للحرية حمله للرق والأغلال!!ه
ولا أحد يدري ، الكل يطلب منه ويطالب ، انت المسئول ، انقذنا ، افلا يعقل هؤلاء انه لا يملك لنفسه شيئاً بعد ما صار مغلولاً عاجزاً!!!ه
انزاح ، استقل ، استخلف
تواتيه بسمه حزينة وهو يرقب احد النوارس يتيه علواً وانخفاضاً
في أحسن الظروف وأفضل التوقعات فإنه سوف يتحول الي مسن منزوي حبيس لا يطيق أحد النظر في وجهه ، أما التوقعات الأخري ، لا لا ، لا يريد التفكير فيها أصلاً
يقول للأيام ان تمضي ، وقع من الزمن موقعاً فريداً لا يريده ان يتعجل فيفضي به الي مصيره الأبدي ، ولا يريده ان يتمهل فيتركه نهباً لهؤلاء الموتورين
أقسي ما عليه الأن هو إضطراره للصمت أمام إتهاماتهم ولعناتهم ، ولو كان له ان يتكلم لقال لهم : لا تلوموني ولوموا انفسكم
***************
وجائت القهوة

Mar 17, 2010

النهوض من علي الأريكة !!ه


في كتابه ( سيرة القاهرة) - والذي كتبه عن زيارته مصر اوائل القرن الماضي - يحكي المؤرخ الانجليزي سير ستانلي لينبول عن محادثة دارت بين احدي السيدات الإنجليزيات وبين سيدة مصرية قاهرية حيث ان الأولي عرفت عن الثانية انها ومثيلاتها ليس لهم ان يخرجوا من البيت دون إذن وليهم وليس لهم ان يخرجوا من البيت مطلقا وحدهم ولهم مكان داخل البيت مخصص لهم ولا يرون الغرباء الا فيما ندر ، وبالطبع أخذت الدهشة ابنة الغرب فسألت بنت الشرق : وماذا تفعلين طيلة النهار؟


فردت السيدة القاهرية : أجلس فوق هذه الأريكة!!ه


وعادت الانجليزية تسأل : وحين تملين الجلوس علي هذه الأريكة؟


وردت السيدة المصرية : أقوم وأجلس علي الأريكة الأخري!!!ه


ولا شك لدي في السطحية والإستظهار اللذين تمتع به أغلب المستشرقين حين نظروا في أحوال بلاد الشرق وعلي رأسهم مصر الا اني لا أري ان المرأة المصرية كانت بعيدة عن مثل هذا التفكير في هذه الفترة وذلك لأنها كانت قد عبرت غمار عصور من الجهل والتخلف أودت بحصافة المرأة - والرجل ايضا - ولم تترك لديها من الادراك الا الحس الفطري وميراث ثقيل من التوجس من المجتمع والإنكماش تحت عباءة الرجل (وهذا الإنكماش في ذاته ليس عيبا فهو صورة مثالية للفطرة السليمة ولكن المعيب هو الإفراط فيه)ه


وقد قصدت البدء بمثل هذه الحكاية لأنها تصور المرأة المصرية التي تسلمتها أفكار الطهطاوي وعلي مبارك والمدرسة السنية للبنات والتي من بعدها استقبلت أذناها دعوة لشخص عجيب اسمه ( قاسم أمين ) يتحدث في كتابين هما ( تحرير المرأة) و( المرأة الجديدة) عن ضرورة تعليم المرأة وحتمية إعتمادها علي نفسها والتحلل من الصورة غير الإنسانية للإرتكان علي الرجل والخضوع له

وبدأت المرأة المصرية المشوار
***************

في إعتقادي المتواضع ان هناك فارق بين تعليم المرأة والنهوض بأسلوب تفكيرها كصانعة أجيال وحاضنة الأمم وبين حض المرأة علي العمل والمساواة بالرجال في كل المجالات ، الأول منهما حيوي وحتمي لأي أمة تود ان تحفظ أساسها للبقاء ، ولم يكن الإسلام بعيداً عن هذا المفهوم ابداً فالنبي صلي الله عليه وسلم لم يكن يرد سائلة وكانت السيدة عائشة من راويات الأحاديث المكثرات ووردت أحاديث تثني علي علمها ، وحتي حين اتسعت رقعة الدولة الإسلامية حتي طالت الأندلس غربا والهند شرقا بني المسلمون أعظم حضارة علي الأخلاق والعلم الباهرين ولم يكن هذا ليجري لو ان حاضنة الأطفال تعاني الجهل

أما الثاني فمجرد دعوة نشأت بحسن نية أو سوء نية لا أحد يدري ، بناء علي تفكير عميق او بناءا علي عواطف مشبوبة لا احد يدري ، في مجملها خير مطلق او شر مطلق لا احد ايضا يدري!!!ه

وأصل الدعوة الذي كان في الغرب في رأيي المتواضع كان رد فعل ثوري من المرأة علي قيود وكبت صنعهماالرجل ولكن ككل رد فعل غير محسوب وغير عاقل فإنه عاد بالبؤس علي من رعوه ومن تبعهم ، فالدعوة نادت بأن لا فارق بين الرجل والمرأة وأنها قادرة علي إثبات ذاتها والتفوق ايضا علي الرجل في اي مجال ، وفشت الدعوات لتعليم الإناث والجهاد في سبيل حق المرأة وهنا في مصر تشربت المرأة مبادئ الدعوة ومضت في جهادها - حسب اعتقادهن- وبالفعل كان من بين هؤلاء فلتات استطعن حفر اسمائهن في ذاكرة الأمة وصرن قدوة للرجال قبل النساء

بالرغم من هذا كله بقيت الإشكاليات دون حل ، غطت عليها صخب الدعوات ونشوة الإنجازات : جامعية ، استاذة في الجامعة ، طبيبة ، قاضية ادارية ، وزيرة الخ ، وكانت ابرز تلك الإشكاليات
التعارض مع الفطرة
فبعد ان أؤكد يقيني التام بأن المرأة في مجملها تشتمل علي مميزات ومواهب لا تقل عن تلك التي في الرجل ولا تؤخرها ابدا- في المجمل -عن مقعد القيادة الا ان هذا لم يكن بالخصم من واجباتها الفطرية التي خلقت من اجلها ولا يستطيع احد ان ينوب عنها فيها ، والنتيجة كانت بالظلم البين والشقاء علي المرأة المطلوب منها ان تحارب علي كل الجبهات

وهمسة في الأذن تقول بأن النساء في اوروبا وخصوصا فرنسا - ابحثوا عن كتاب ( اني عائدة للمنزل) - قد انتبهن اخيرا لمدي الضرر الذي وقع علي حياتهن واختياراتهن واسلوبهن في المعيشة بما جعلهن علي شبه يقين ان العودة للدور ( وهو ما لا ادعو اليه مطلقا)الأصلي والطبيعي قد حان وقتها


غياب التمييز
بمعني انه اذا كان من الطبيعي ان يتعلم كل النساء ، فهل من الطبيعي ايضا ان يعمل كل من تعلم منهن؟
ان الذي تلقي الحديث عن تعليم المرأة لم يفهم الكلام جيدا والا كانت الفلسفة في عمل المرأة تعطي الأولوية للشخصيات النسوية الموهوبة والعقول الإستثنائية وربات العمل الشاق والذكاء المتقد وليس فتح مدارس الدبلومات الفنية والتجارية لملايين البنات يخرجن لا يفقهن شيئا في التجارة او التدبير المنزلي علي حد سواء!!!ه
مناجزة الرجال
في مجتمعنا - المدعو له بالهداية - فان المرأة لا تحارب لتقوم بواجبات كونها أنثي او واجبات عملها ومصاعب الحياة المتزايدة ولكن ايضا أضيف عليها تسلط الرجل ، ففي نظر أغلبية رجال مجتمعنا فان وجود المرأة ( محشورة ) في كل شئ أمر خانق ، كما ان الجو العام في الغالب يبدأ في الإمتلاء بالقيل والقال والأحاديث ذات المعاني الخ
ولكم يعصرني الألم مثلا اذا ما تصورت انني قد زاملت زميلات في العمل كن يتواجدن كما نتواجد في مكان العمل لأكثر من سبع ساعات دون ان يكون من حقهن مثلا ان يلجن ( للتواليت ) لكونه غير جاهز لإستقبال النساء!!!ه

والحق ان الموضوع متشعب وضخم ولا تقدر تدوينة مسكينة علي الإحاطة به ولكني أعتبرها ( جر كلام) وتسديد لدين ضخم في رقبتي ورقبة كل رجل للجنس الذي حملتني إحدي المنتميات له وظلت تذهب لعملها - رغم وهن الحمل - وحتي يوم الوضع لأنها لم تكن تملك رفاهية الإختيار وعلمتني ان افهم جيدا قيمة المرأة وحقيقة دورها في الحياة
وانني لأتمني ان تهتدي كل امرأة في مصر لدورها الصحيح الذي يناسبها هي لا ما يناسب الأخريات ، فحينئذ سوف يكون أمامها العديد والعديد من الأشياء العظيمة ، وليس من بينها ابدا الجلوس علي هذه الأريكة او تلك!!!ه
ــــــــــــ
الصور لامرأة القاهرة في القرن التاسع عشر