Jun 3, 2011

الوصابيون

هنا قد نتحدث عن فرقة دينية معينة تمثل حالة معينة في منطقة معينة.. وان كان المثل قابل للتعميم كما أنه يعطي درسا مصيريا لأي سياسي.. بأن يشحذ حواسه كلها لإستخلاص ما ينفعه من كل ما ومن هو حوله.
أمير (كوبتيكا) لابد أنه سيسمع من كبير البصاصين عن نشاط محموم للفرقة الدينية المسماة ب(الوصابيين) وهي التي دعي الي مذهبها منذ سنوات في هضبة حضرموت ونسبت الي مؤسسها وإمامها( محمد بن الوصاب ) والذي أخذ يدعو للانتصار الي مذهبه الديني الذي يرجع فيه الي أخذ التعاليم من (أصول ) الإجلالية ولا يعتبر بما اجتهد فيه العلماء علي مر القرون وحتي وقتنا هذا..وذلك بجانب بعض الشئون الأخري التي لها مقام أخر ولكـــن
قد يهم الأمير منها أشياءاً معينة :
·   منها أن هذه الفرقة لا تشجع أفرادها أبداً علي  التورط أو ممارسة السياسة وتعتبره ( شغل بالزائل ) وتنازع علي الدنيا يجب تجنبه..ويقصرون دعوتهم علي التشديد علي موافقة مظهر ( الإجلالي ) جوهره والتشبث بالانغماس حتي النخاع في العبادات والفرائض  والنوافل من قبل طلوع الشمس وحتي هجوع الفرد الي فراشه.
·   ومنها أن هذه الفرقة تحث المرأة علي عدم الخروج من منزلها أبداً الا الي دار العبادة – أو الي دار الحق ! – وفي اضيق الحدود وألا تخالط   الرجال ابداً الا لضرورة قصوي ومغطاة من رأسها الي قدميها وأن تتفرغ لتربية أولادها ورعايتهم وخير لها الا تضيع وقتها في قراءة شئ الا كل ما يشرح أصول ( الإجلالية ) وتعاليمها وممارستها وسبلها.
·   ومنها  أن هذه الفرقة لا تطيق أي من الفرق ( الإجلالية ) التي تعتنق مذهب أخر وتعتبرهمإما مفرطين أو متلاعبين ( ومن هؤلاء بالطبع فرق تناوئ الأمير وتقض مضجعه ).
·   ومنها أن هذه الفرقة لا تطيق غير الإجلالي من      ( المسامحين ) مثلا ..ولا تشير الا بتجنب معاملتهم والكف عن كسب ودهم وتوطيد العلاقات معهم..ويفهمون أن من تعاليم الإجلالية ونصوصها أن من ليس منهم لا ينبغي أن يسالم أو يتخذ جاراً ولداً
·   ثم ومن أهم تعاليمهم علي الإطلاق الحرص الدائم علي التشديد بعدمالخروج علي الحاكم أو مناوئته مطلقاً..حتي ولو كان ظالماً ..ويعتبرون هذا نصاً مقدساً وفريضة واجبة وإن أضطروا الي التطرق لمثل هذا الشأن فإنهم يكتفون بالدعوة للوالي بالهداية!
هذا ما يجب علي أمير ( كوبتيكا ) أن يعلمه عن هذه الفرقة ..وله أن يلاحظ أن كل مبدأ من المبادئ التي اكتفينا بذكرها هنا يخدم سياسة ومأرب الأمير ويؤمن له عرشه..
بل يكفي المبدأ الأخير مما ذكرت ففيه قرة عين الامير وصفاء باله.
وعليه فإذا ما نشط رجال هذه الفرقة في الدعوة علي ارض ( كوبتيكا) وبين سكانها فلا ينبغي علي الأمير أبداً أن ينفرهم او يطاردهم بل عليه فقط  ان(يرخي قبضته )عن دعوتهم وإعدادهم المنابر لأنفسهم..فليدعهم ينسخون كتبهم وينشرونها بين الناس لتفشوا دعوتهم  ويبدأ الناس في الإعجاب بهم والإنضمام اليهم....
بذلك وبشكل عام يمكن ان نقول أن نقول أن قبضة الأمير قد أحاطت بكل شئ ..فأي إجلالي قد يأنف أو يتأفف مما يجتهد رجال الأمير في بثه بين الناس من امور اللهو والتخنث ويريد أن يأوي الي فرقة خيرة تعينه علي دينه ويحتفظ معها براحة باله فلن يجد سوي أحضان ( الوصابيين ) تتلقفه وتؤويه متيقناً أنها الواحة في قلب البادية القاحلة.
وبذا فقد تكفل رجال الأمير بالقبض علي شئون الشهوات وسوقها للدهماء ..فإن ترفعوا عنها سيطر ( الوصابيون) بزمام الفضيلة عليهم!
وقبل أن يداخل الريب قلب سيدي ومولاي مما أقول عليه فقط ان يلتفت الي مملكة ( نجد ) التي نشأت الفرقة علي أرضها وإتخذها الملوك هناك عقيدة دولة فأفلحوا بها واستتب الأمر لهم ملوكاً متعاقبين دون ان يناجزهم علي الحكم احد ..رغم ما يضرب أذان العامة هناك من تنعم ملوكهم وسفههم في الإسراف وحيازة القصور الباذخ وإرتكانهم صراحة علي ( اليانكيزيين ) كسند وحليف لحكمهم!
************
من كتاب (الأمير..طبعة هذا الزمان)-2007  

1 comment:

Anonymous said...

على قولة القايل

يختلفون في كل شي الا اهانه المراة فانهم يتفقون عليها