Jun 19, 2011

عن العلمانية



الكتاب الذي يوسم بالمرجع الجامع في مسألة العلمانية ولقراء اللغة العربية -اذا ما قرر العرب يوماً القراءة والتفكر- هو كتاب الدكتور عبد الوهاب المسيري [العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة] وهو الذي طبعته دار الشروق علي جزئين ..قصد المسيري في الجزأ الأول ان يفصل (للنظرية) اي التعريفات عند مختلف المفكرين والفلاسفة وأوجه التباين والتطابق بينهم والخروج بتعريف تقريبي للعلمانية ولم يكتف بذلك بل عرض بعض التعريفات الملتحقة بالعلمانية والملتصقة بها والتي غالباً ما تمتزج مع غالبيتها في منظومة واحدة..أما الجزء الثاني فقد حجزه المسيري لعرض (التطبيق) اي أمثلة تفصيلية لنظم طبقت العلمانية بمختلف الصور والمفاهيم

عبد الوهاب المسيري في رحلته الفكرية العظيمة التي كانت اكبر أهدافها الإنتهاء من موسوعته الجامعة (اليهود واليهودية والصهيونية) في الاف الصفحات - صادف في طريقه اثناء وضع الموسوعة عشرات الأفكار التي تتماس مع موضوع الموسوعة الأساسي ولكن كانت تستحق ان يفرد لها كتب مستقلة لذا فلم يتأخر..وكان كتاب (العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة )ضمن هذه الكتب لحسن حظنا وأفرد تقريبا ثلث الجزء الثاني للعلمانية الصهيونية
&&&&&&&&&&&&&&&

ماذا لو قال لك أحدهم ان السلفية الإسلامية بها ملامح عظيمة من العلمانية؟
بالطبع الإتهام بالجنون والهرطقة والإلحاد جاهز ويسير وغير مكلف ويبرئ الذمة ويغسل الضمير في سهولة ..وهذا بالطبع ضمن منظومة التخلف المبتلي بها ارض العرب منذ مئات السنين ولا ينفك من جبروت سطوتها الا قلائل يتنكر لهم مجتمعهم ولو بمنحهم فرصة الكلام فيموتون كمداً علي سهام جائت ممن إجتهدوا لإنقاذهم

صاحب الجملة بالأعلي هو المفكر عبد الوهاب المسيري وأوردها في كتابه السابق ذكره..وقبل ان نسارع ونتهم ونتشنج دعونا نتعرف علي ما أورده المسيري عن العلمانية

في البداية يشكو المسيري من عملية التسطيح التي تعرض لها المصطلح حين تم تناوله في المقالات والأحاديث علي انه يعني (فصل الدين عن الدولة) ويؤكد ان هذا أخذ المصطلح الي مناطق بعيدة ساذجة لا تتقاطع مع المقصود
وبدراسة كل الظواهر الإجتماعية والنظريات وما الي ذلك يصل المسيري الي ان هناك (علمانيتين) لاواحدة..الأولي تسمي العلمانية الجزئية وهي التي يمكن تعريفها بأنها فصل الدين عن الدولة..بينما تعرف العلمانية الشاملة علي انها فصل القيم الإنسانية والأخلاق عن النظام الإجتماعي كله وتحويل المجتمع الإنساني كله الي مادة استعمالية خالصة تخدم مصالح فئة خاصة من البشر
ويستمر المسيري خلال الجزء الأول في إيراد المصطلحات والتعريفات التي توضح بشكل شيق المنظومة غير المحدودة للعلمانية الشاملة وما يلحقها من منظومات مثل (التسلع) وهي تحول الإنسان الي سلعة يتم تداولها بعد عزل وقتل كل المشاعر الإنسانية والخصوصية الأدمية به وتحول الأمر كله لمبدأ البيع والشراء[مثل نجمات البورنو ونجوم كرة القدم] مثلاً..
و(التَشيُّؤ) وهو أن يَتحوَّل الإنسان إلى شيء تتمركز أحلامه حول الأشياء فلا يتجاوز السطح المادي وعالم الأشياء. والإنسان المُتشيِّئ إنسان ذو بُعد واحد قادر على التعامل مع الأشياء بكفاءة غير عادية من خلال نماذج اختزالية بسيطة، ولكنه يفشل في التعامل مع البشر بسبب تركيبيتهم اي اننا نتحدث عن مجتمع السوق الحر والمجتمع الذي تتمحور اهتماماته حول السلع والإستهلاك الخ
و(الحوسلة) وهي كلمة منحوتة من جملة (تحويل كذا الي وسيلة) سواء كان الطبيعة او الإنسان بإخراجهما من إطارهما ووضعهما في إطار مادي منزوع المشاعر والقيم 

 وفي الجزء الثاني يورد أمثلة مباشرة وفي مختلف المجالات
 ايضاً للطرز العلمانية الشاملة التي تحيط بنا الأن وسابقاً وكان أكثرها تشويقاً وإثارة للرعب ايضاً هو المثال النازي وما قام به من فظائع إبان الحرب العالمية الثانية إرتكازاً علي مفهوم علماني شامل يتشارك مع مفاهيم أخري سكنت خلد القادة النازيين وحثتهم علي القيام بكل هذا( لمزيد من التحقيق ابحث في يوتيوب او في جوجل ايمدج عن العنوان 
Nazi concentration camps

اما عن ما قصده المسيري عن ان تحمل السلفية بضع ملامح العلمانية الشاملة فلأنه قد لاحظ علي المجتمعات التي تتبني المفهوم السلفي التدين الشكلي الظاهري ولكن السلوك الكلي والجمعي تعوزه القيم الإنسانية والإخلاق..فهم ليسوا بعيدين عن التسلع والحوسلة- بنظام الكفالة مثلاً والاستهلاك السفيه للسلع- كما ان سلوكهم المتدين في ظاهره لا يحضهم علي التوحد مع مشاكل أوطانهم من إمتهان لأحد أهم مقدساتهم وسفح دماء إخوانهم في الدين او حتي التخلي عن تربيح المجتمع المسؤل عن كل هذا والداعم له
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
ماذا تبقي؟
تبقي ان نقول انني لم اقصد بذكر ما ذكرت مجرد الدعوة لقراءة الكتاب والتفكر في محتواه وفقط..ولكنني أعني بأن المرأ لابد بعد قرائته لهذا الكتاب من ان يري كل من يحصر أمر العلمانية في موضوع  فصل الدين وعن الدولة والمؤامرة العالمية علي الإسلام الي اخر كل هذا العك..يراه قزماً فكرياً لا يستحق تضييع الوقت في الإنصات لما يقوله من غث

&&&&&&&&&&&&&&
والتدوين القادم نتحدث قليلاً عن المطلوب من علمانية في بلادنا برأيي 

5 comments:

mohra said...

فعلا نحن نعيش فى عك سياسى غير مسبوق ...أتمنى أن يفهم الناس ما يقولون و ليت الاسلاميين يتوقفوا عن التهريج الرخيص و التضليل الفج ...ليس هذا من الاسلام فى شيئ
أما المسيرى فقد قرأت له سيرته و هى بيعه و كان يتحدث فى نفس السياق و لكن للأسف أحيانا تأخذه الحماسه و يصبح الكلام عسيرا بعض الشيئ ....رغم سهوله الأسلوب اللأصلى



و حمد لله على السلامه

تايه في وسط البلد said...

ياااااااااااااه

دكتورة مهرة؟
عاش من شاف تعليقك يا فندم وربنا يخلي المدونة اللي مجمعانا علي الخير

يا فندم انا حسابي علي الفيس باسم ضياء ابو الفتوح واكون شاكر لو ضيفتيني

^^^^^^^^^^^^^

الموضوع ليس خارج سياق التخلف المتحكم يا فندم..لا يوجد جهل مقصور علي فئة ولكن الكل متورط ويصم اذنيه ولا يريد ان يتقبل ان يرقي فكره او يغيره

اما عن حماس المسيري فلا استغرب تلك الملاحظة الذكية منك..ما جعلنا نكون حريصين قليلا اثناء تلقينا منه مع تذكر خلفيته القومية اليسارية قليلا بشكل دائم

%%%%%%%%%%%%%%

نحنا علي وصال ان شاء الله :)

محمد نبيل said...

بالفعل .. كان الدكتور عبد الوهاب المسيرى ( رحمه الله )رجلٌ موسوعى مستنير الفكر.
أشكرك على هذا المقال المتميز

Unknown said...

well done

Anonymous said...

أنا بحثت عن كلام المسيري عن السلفيين في الجزء الثاني و لم أجده حتى الان أرجو التكرم و ارسال رقم الصفحة حتى تعم الفائدة
momo65eg@yahoo.com